للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المسلمين، برهان أمير المؤمنين، سلام الله عليك، فإن أمير المؤمنين يحمد إليك الله الذي لا إله إلا هو، ويسأله أن يُصلِّيَ على محمد عبده ورسوله ويُسلِّمَ تسليمًا، أما بعد، أطال اللهُ بقاءَك، وأدامَ عِزَّك وتأييدَك ونعمتك، وأحسنَ رعايتَك وكلاءتك، وأمتع أميرَ المؤمنين بك، ولا أخلاه منك، ثم ذكر بَعْثَ النبي وما جرَتْ به العادة، وأنه وارِثُه وما أشبه ذلك، ثم قال: وإن أمير المؤمنين بما وكَلَه الله إليه من الأمور العامة للبلاد والعباد، وملَّكَه من زمام الإصدار والإيراد، وناطَه به من حفظ النظام، وفرضه عليه من السعي في الصلاح الشامل العام، يرى استنفاذ الوُسع في اختيار مَنْ يستنيبه في الأراضي، ويلقي إليه مقاليدَ البسط والقبض، ويحبوه بالمرتبة التي طال ما امتدت نحوها الآمالُ فخابَتْ، وطمع في وفاء الأقدار في وعود المني فحابَتْ، وإذا لاحت شواهدُ الكمال فيمن استدعى العزَّ فأجابه، ورمى الغرض فأصابه، وعضد ذلك بالإخلاص في الطاعة، وبلغ أقصى الثناء والحمد داخلًا في نظام الجماعة، غدا (١) التوفيق زائرًا في اختصاصه بالمنزلة التي تعجز الأماني عن ارتقاء هضابها، ويقصر الباع عن الامتداد إلى التشبُّث بأهدابها، فأهَّلَتْه لما يجتني به ثمرةَ سوابقه ولواحقه، ويجتلي به العزُّ في أنضر رياضه وحدائقه إبداعًا للصنائع عند الأكفاء، وإبداء للمواضع بأعباء الإخلاص الناهضين والاستكفاء، ولمَّا احتويتَ عليه هذه الخلال وأوفيتَ، وحَمَيتَ منهلَ الطاعة من القذى وأصفَيتَ، وأعدْتَ في الهدى وأبديتَ، وحُزْتَ قَصْبَ السَّبَق وانتهيت، فوَّض إليك أميرُ المؤمنين أزِمَّة الحلِّ والعقد، وأمطاك ذُرى العلا والمجد، وأوصلك إلى ما لم يُدَرَّ له به أمل، ولا فاز بثوابه عمل، واستنابك فيما وراء بابه شرقًا وغربًا، وحصل بما تملك به نواصي الأعداء سلمًا وحربًا، وبعث إليك بالتشريف مبالغةً في الإكرام، ودلالة على فضل الشغف بك والغرام، والعهد الذي يضمن الولاية، وبلَّغك به منتهى العناية، فأسعدكَ اللهُ بهذه الموهبة التي لا توازيها نعمةٌ وإن جلَّتْ، والمنحة (٢) التي بدَتْ في جلال الكمال وتجلَّتْ، وذكر كلامًا طويلًا، ثم لقَّب الخليفةُ للعميد أبا الحسن شيخ الدولة ثقة الحضرتين، ولقَّب نظامَ الملك قُوام


(١) في (خ): عدم، والمثبت من (ف).
(٢) في (خ): والمنجمة، والمثبت من (خ).