للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

السلطان مستعجمة، وأنه منذ دخل بلاد الأرمن قد مضى له شهران لم يوقَفْ له على خبر.

وفيها وقعت فتنةٌ عظيمةٌ بين عبيد مصر والترك [قال محمد بن هلال: وفي ثاني عشر جمادى الآخرة أو الأولى ورد كتاب من مصر من بعض التجار يقول: إن العبيد اجتمعوا بالجيزة منافرين للأتراك، عازمين على القتال، وغلبوا على الجزيرة التي في وسط النيل بين مصر والجيزة] واتصلت الحرب بين الفريقين، ووصل ناصر الدولة بن حمدان [من أعمال الإسكندرية ومعه عرب من بني سيس وقطعة من الأتراك البغدادية، واجتمع مع المشارقة] (١)، والتقى بالعبيد يوم الخميس ثالث ربيع الأول في موضع يعرف بالكوم، فقتل من العبيد ألف رجل، وهزم الباقين، [ولولا أن الليل هجم ما أبقى من العبيد أحدًا، وقد عادت مصر مثل ما كانت بغداد، عند دخول عسكر خراسان إليها من الخوف والنهب والقتل]، وتردَّدت الرسلُ في إصلاح ذات البين، فتمَّ.

وفي رمضان ورد كتاب نظام الملك، وأن السلطان أوغل في بلاد الخزر، وبلغ فيها مواضع لم تجرِ العادةُ ببلوغها، وفتح بلدًا عظيمًا، وقتل فيه نحو ثلاثين ألفًا، وسبى ما يُوفي على خمسين ألف مملوك، وغنم غنائم لا تُحصى، وقد عاد منصورًا، ونزل على آبى -وهي أول أعمال الروم- مُحاصرًا لها، ولن يتأخَّر فتحُها له إن شاء الله تعالى، وأنه وصل إليه ما بدأ من أبي أحمد النهاوندي فيما يتعلَّق بالخليفة، وأنكره ورسم له بالتذلُّل أن لا يخرج عن مراسم الخليفة، ويكون طوعَ أمير المؤمنين، ولا يجري على العوائد السالفة، ثم بعد أيام وصل كتاب السلطان بالفتح، فجلس الوزير في بيت النُّوبة، وقُرئ، وخرج من الخليفة ما دلَّ على الوزير، ولم يحضر رئيس العِراقَين، ثم حضر من بعدُ ببيت النُّوبة، وخرج الوزير إليه، فقام وخدمه، وزاد في التودُّد لما ورد من الإنكار عليه، وأنهى خبره، فخرج ما يدلُّ على تطييب قلبه، فقام وقبَّل الأرض، ثم واصل الخدمة، ورفع يده عما كان اعترضه، وفي كتاب الكامل نقيب النقباء أبي الفوارس، وكان قد شهد هذا الفتح، قال: شاهدتُ من هذا البلد المذكور منظرًا هائلًا، وأنه لا يخطر بالبال فتْحُه، ولا يُذكر أنَّ أحدًا من الملوك قصَدَه، فإنَّ ثلاثة


(١) في (خ) و (ف) بدلًا منها: إلى الإسكندرية.