وفي يوم الخميس لسبعٍ بَقينَ من رجب حدَّث أبو يعلى بن الفراء في جامع المنصور بأحاديث لا أصل لها، وكان هناك قوم من المعتزلة، فأنكروا ذلك، واستبُّوا، وخرجوا إلى الضرب بالآجُرِّ، واجتمع من الغد الحنابلة إلى دار الخليفة، وشكوا المعتزلة، فخرج جواب الخليفة بالإنكار لمذهب المعتزلة.
وفي رمضان قدمت قافلة الحاجِّ من خراسان، وكان نظامُ الملك أحبَّ أن تنفتح طريقُ مكة، وشاور العميدَ أبا سعيد لمَّا ولَّاه بغداد، وفسح له في إطلاق ما يحتاج إليه الخفراء بالغًا ما بلغ، واجتمع العميد في بيت النُّوبة مع الوزير دفعاتٍ بهذا السبب، واستقرَّ أن يسير بالحاجِّ ابن حمزة الهاشمي، وورد مع الحاجِّ العلويُّ المرتضى، كان نقيب العلويين بالري في أيام طُغْرُلْبَك، وتبعه خلقٌ كثير، وتلاه علويٌّ آخرُ ممَّا وراء النهر ومعه عدد وافر، وأحضر ابنُ حمزة الهاشمي نيفًا وستين خفيرًا من القبائل، فخلع عليهم العميدُ ثيابَ القطن المُصبَّغات، فكانوا لها كارهين، وحضر جماعةٌ من بني خفاجة، وأكْرَوا الجمل بأربعين دينارًا إلى مكة ذاهبًا وراجعًا، وعلم المرتضى بأن الخفراءَ غيرُ راضين، فأحضر جماعةً من العرب، وقرَّر الخُفارة معهم، وأن يسير وحده، وعلم العميدُ فخاف على الحاجِّ، فحصل خمسة آلاف دينار وأنفقها فيهم، واستحلفهم على حفظ الحاجِّ، فحلفوا يمينًا ظهر معها سوءُ نيَّاتهم، فشهد عليهم الشهود، فكتب الظاهر أبو الغنائم نقيبُ الطالبيين إلى الخليفة بأنَّ أمر الحجِّ مردودٌ إليَّ، ومتى تولَّاه غيري كان عزلًا لي، وأمراء مكة علويون، ومتى خرج ابن حمزة لم يُمكَّنوا من رعاية الحاج، فقال الخليفة: الأمرُ إليك في هذا. فندب أخاه أبا الحسين، وخرج الناسُ، وخرج الكامل نقيبُ العباسيين والسهيلية القَهْرمانة في دار الخليفة، وساروا، فغدر الخُفراء بهم، وأخذوا المال والجِمال والزادَ، واتفقوا على نهبهم، وكانوا قد ساروا عن الكوفة أربعَ مراحل، فعادوا إلى بغداد ثاني ذي القعدة، وبطل الحجُّ.
وفي يوم الخميس منتصف ذي الحجة عاد المرتضى العلويُّ والحاجُّ الذين كانوا معه من فَيْد، فإنَّ الخُفراء غدروا بهم، وجَبَوا منهم ضِعفَ ما كان العميد أعطاهم، واختلفت آراؤهم، فرجعوا وعاد العلويون إلى بلادهم.