وفيها بعث الخليفةُ خادمين وحاجبًا إلى أصبهان يقبروا زوجته أرسلان خاتون.
وفي شوال عاد بدر بن مهلهل من نيسابور، وكان ألب أرسلان قد استدعاه ليحضر عرس ولده ملك شاه على ابنة ملك الترك طنغاج، وملَّكه من وراء النهر، وتزوَّج السلطان ببنت قدرخان التي كانت زوجة محمود بن مسعود بن سُبُكْتِكين بمرو، وأنفذها إلى بَلْخ، وكان قد تزوَّج عند دخوله الري زوجة طُغْرُلْبَك واسمها عكَّة.
وفيها نزل عطية من قلعة حلب وسلَّمها إلى محمود ابن أخيه من زيادة الغلاء والحصار، وأنَّ ابن خاقان والغُزَّ تولَّوا الحرب، فلم يثبُتْ عطيةُ وأهلُ حلب لهم، وشرط أهلُ حلب على محمود ألا يُمكِّنَ الغُزَّ من الدخول إليهم، فأجابهم وأعطاهم المعرَّة، فنزلها خاقان والغُرُّ، ونزل عطية علي بني كلاب. وقيل: إن ابن خاقان سار بعسكره إلى العراق إشفاقًا من أحداث حلب.
ووقع بين الكلبيين وبين قائد دمشق الأرمني خلافٌ، وأخرج معهم عسكرًا لدفعهم، فاستظهر الكلبيُّون، وقتلوا جماعةً منهم، وأسروا سبعة عشر أميرًا وقائدًا باعوهم بعد أن نكَّلوا بهم وعذَّبوهم، وقرَّر عليهم البدويُّ الذي أسره عشرةَ آلاف دينار، أخذ خطَّه بها، فاستشار زوجتَه، فقالت: إن أطلقتَه أعطاك أضعافَ ما تَقرَّر، وفعلت الجميل وراءه، وإن أخذتَ المال شاطرَتْكَ العشيرةُ ولم تظفر بطائل، فأطلقه، وأعاد الخطَّ إليه، وحمله إلى منزله بدمشق، فخلع عليه وأكرمه، وأعطاه ألفي دينار، وقال: هذه لك عليَّ كلَّ سنة. فأخذها وانصرف، وزاد تبسُّطُ الكلبيين في السواد، وأخذوا الغَلَّات ونهبوا، فخرب الشام، ودخل حصن الدولة بن منزو قائد الرملة إلى طرابلس وملكها، وقبض على بني أبي الفتح المتغلبين عليها، ولمَّا خرج إليها قصد إليه ابن عمار وقاضيها، وكان في حيِّز السلطان، فأشار إلى بني أبي الفتح أن يخرج أحدُهم معه للقاء ابن منزو، ففعلوا، فأولى ابنُ منزو ابنَ أبي الفتح الجميل ليخدع بذلك أخوتَه، فبان له ذلك، وأنَّ القاضي خدعه حتى حصله عنده، وكتب إلى إخوته بذلك، وراسل أبو الفتح بما تطيبُ به نفوسُهم، وسامهم الخروج إليه، فامتنعوا، وجدُّوا في الحرب، وكان ابنُ عمار قد أصلح جماعةً من أحداث البلد ومقاتلته، فاستأمن منهم ثمانيةٌ وعشرون نفسًا، فضعف أمر بني أبي الفتح، واختلف أهل البلد، ففتحوا الأبواب، ونادوا بشعار