للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولمسلم عن جابر بن عبد الله عن رسول الله أنه قال: "لا تَزَالُ طَائفَةٌ مِن أُمَّتي يُقاتلون على الحَقِّ ظَاهِرينَ إلى يَومِ القِيامَة، فَينزِلُ عيسى ابن مَرْيَم فيقول أميرهم: صلِّ لنَا. فيقول: لا، إنَّ بَعْضَكُم على بَعْضٍ أُمَراء، تَكْرِمَة لهذه الأُمَّة" (١).

وقال جدي (٢): إذا نزل عيسى ابن مريم اجتمع بصاحب الزمان، فيحضر وقت الصلاة فيقول صاحب الزمان لعيسى: تقدَّم، فيقول له عيسى: أنت أولى، فيتقدم صاحب الزمان، فلو تقدم عليه عيسى لكان ناسخًا لشرعنا، وقد قال نبينا : "لَوْ كَانَ عِيْسَى ومُوسَى حَيَّيْن لَمَا وَسِعَهُمَا إلَّا اتباعي" (٣). فامتناع عيسى لئلا يتدنس وجه: "لا نَبِيَّ بَعْدِي" (٤) بغبار الشبهة، وهذا معنى حديث جابر، وقوله: "تكرمةً لهذه الأمة"، والدليل على أنَّ التَّبَعِيَّة قائمة، فإنه ينكح على ما في الحديث ويولد له، لأنه ضيف والضيف يتبع أوامر المُضيف "تناكحوا تناسلوا" (٥) الحديث.

وقد أخرج مسلم حديثًا طويلًا في أمارات الساعة والدجَّال عن النوَّاسِ بن سَمْعَان عن رسول الله : "فَبَيْنَمَا هُوَ كَذَلِكَ إِذْ بَعَثَ اللهُ عيسى ابنَ مَرْيَم، فَيَنْزِلُ عند المَنَارةِ شَرْقِيَّ دِمَشْقَ بين مَهْرُودَتَيْن، واضِعًا كَفَّيهِ على أَجْنِحةِ مَلَكَيْن، إذا طْأطَأَ رَأْسَهُ قَطَرَ، وإِذَا رَفَعَهُ تَحَدَّرَ مِنْهُ جُمانٌ كَاللُّؤْلُؤ، فلا يَحِلُّ لِكَافِرٍ يَجِد رِيْحَ نَفَسِهِ إلَّا مَاتَ، ونَفَسُهُ يَنْتَهِي حَيْثُ يَنْتَهِي طَرْفُهُ، فَيَطْلُبُه حتَّى يُدْرِكَهُ بِبَابِ لُدٍّ فَيَقتُلُهُ، ثُمَّ يَأْتِي عِيسى بنَ مَرْيَم قومٌ قد عَصَمَهُم الله منه، فَيَمسَحُ عن وجُوهِهِمْ ويحدِّثُهُم بِدَرَجاتِهِم في الجَنَّة، فَبَيْنَمَا هُم كَذَلِكَ إِذْ أَوْحَى الله إلى عيسى: إنِّي قد أَخرَجتُ عِبادًا لِي، لا يدَانِ لأَحَدٍ بِقِتَالِهم فَحَرِّزْ عِبَادي إلى الطُّورِ، وَيبْعَثُ الله يَأْجُوجَ ومَأْجُوج". الحديث (٦).


(١) أخرجه "مسلم" (١٥٦).
(٢) في (ب): قال الشيخ أبو الفرج بن الجوزي .
(٣) أخرجه أحمد في "مسنده" (١٤٦٣١) من حديث جابر بن عبد الله .
(٤) أخرجه البخاري (٣٤٥٥)، ومسلم (١٨٤٢) من حديث أبي هريرة. .
(٥) لم نقف عليه بهذا اللفظ، وأخرجه عبد الرزاق في "مصنفه" (١٠٣٩١) من حديث سعيد بن أبي هلال مرسلًا ولفظه: "تناكحوا تكثروا، فإني أباهي بكم الأمم يوم القيامة" وأخرج ابن ماجة (١٨٦٣) من حديث أبي هريرة مرفوعًا "انكحوا فإني مكاثر بكم"، وهذا الحديث مما اشتهر على الألسنة، انظر كشف الخفاء ١/ ٣٨٠.
(٦) أخرجه مسلم (٢٩٣٧).