للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

السلطان لنظام الملك: قُلْ له يقعدُ، ويزيلُ روعَه، ويُطيِّبُ نفسه. ثم قال: ما أقول لك قولًا إلا وهو دليل على صفاء النية لك، ولو كان عن سوء رأيٍ لما أوحشتُكَ وداجيتُكَ (١)، ثم وعده بإطلاقه إلى بلاده.

وفي ربيع الأول ولدتِ امرأةٌ بباب الأزج صبيةً لها رأسان، ووجهان، ورقبتان مفترقتان، وأربع أيدي، على بدن كامل، وماتت البنت (٢).

وفيه حَصِبَ الأميرُ عُدَّةُ الدين أبو القاسم بن الذخيرة، وتعدَّى ذلك إلى جده القائم، وانزعج الناس، ولحقهم أمر عظيم؛ لأنه لم يبقَ من بني العباس من يصلح للخلافة غيرُهما، ثم منَّ الله تعالى عليهما بالعافية، فسُرَّ الناس.

وفي ربيع الآخر وصل خيلٌ ناشئٌ من خُوارَزم إلى نظام الملك بكتاب من السلطان يُخبر بما فُعِلَ مِنْ وراء النهر وخُوارَزم من الفتوح، وقمع المفسدين، وتهديد تلك البلاد. قال: وكان التركمان قد اختلطوا بالكفار، وكانوا ينهبون التجار، وكانوا على طرف البحر عند القفجاق، ولمَّا سمعوا بنا عبروا إلى جزيرة في البحر، وتركوا أموالهم ونساءهم ومواشيهم، ولا نَقدر على إحصائها، فاستولينا على الجميع، وعاد إلى خراسان، فخرج الجماعة الذين تخلَّفوا عنه للقائه مع نظام الملك، وقيل: إنما كانوا تأخَّروا عنه بخُوارَزم.

وفي ربيع الآخر لأربعٍ بَقِينَ منه حدثت ببغداد فتنةٌ بين الشافعية والحنابلة واقتتلوا.

وفي العشر الأول من جمادى الأولى في نيسان ظهر في أواخر برج الحوت كوكبٌ كبيرٌ له في المشرق ذؤابة عرضها نحو ثلاثة أذرع [وطولها أذرع كثيرة] (٣) إلى حدِّ المجَرَّة من وسط السماء مادَّةً إلى المغرب، ولبث إلى ليلة الأحد لستٍّ بَقِينَ منه، وكانت الشمس في برج الثور، ثم ظهر في برج السرطان عشيةَ يوم الثلاثاء عند غروب الشمس من المغرب [كوكب] قد استدارَ نورُه عليه كالقمر، فارتاع الناسُ وانزعجوا، ولمَّا أعتَمَ الليلُ رمى ذؤابةً نحو الجنوب، وكان مسيره كسرعة مسير القمر إلى أن انتهى


(١) من المداجاة: وهي المداراة. اللسان (دجي).
(٢) هذا الخبر والأخبار الثلاثة التي تليه -دون كلام ابن الصابئ- في المنتظم ١٦/ ٩٥.
(٣) هذه الزيادة من (ف) و (م) و (م ١).