يُعاديه من المشارقة، وأن ينفرد ابنُ حمدان بالبلاد، وتدبير الأمور والعساكر، ورفْع الحصار عن مصر، وعادت الأمور إلى ما كانت عليه، وأما أخبار الشام فإنَّ بدرًا الجمالي كان قد ورد دمشق واليًا على الشام سنة ثمان وخمسين، ووصل عسقلان، وغزا بني سِنبس ونكأَ (١) فيهم، وعاد إلى الأقحوانة، وجاءه أميران أخوان من قيس فقتلهما، لأجل غارات كانت لهم بالشام قبل وصوله إليه، ثم سار يشقُّ خلل العرب كلب وطيئ وغيرهما شقًّا، وفعل فعلًا لم يسبِقْه أحدٌ إليه، حتى وصل دمشق فنزل قصر السلطنة بظاهرها، وأقام سنةً وكُسِر، فأمِنَ الناسُ لهيبته، ثم قبض على ابن أبي الرضا خليفة الشريف القاضي المكنى بأبي الفضل إسماعيل بن أبي الجن العلوي وعلى جماعة، وأخذ منهم عشرة آلاف دينار، ووهبها لخادم بن جراح المفرج عنه من مصر، وكان قد هرب إليه، فأعطاه المال استكفافًا له عن معاونة الشريف أبي طاهر بن أبي الجن المنفذ معه خادمًا لإفساد أمر بدر بالشام وإثارة أهل دمشق عليه، ولمَّا فعل بدر بالمذكورين ما فعل ثار أهل دمشق عليه، وأغلقوا أبوابها وحاربوه، وساعدهم حصن الدولة ابن منزو، وراسلهم مسمار بن سنان الكلبي، وراسلوه وحالفوه، وجاء عرب مسمار، فأغارت على قصر السلطنة بدمشق بظاهرها، وعاد البدر الجمالي وراء وجوه، فأنفذ ثقله وأهله إلى صيدا، ومضى خلفهم إليها، وجمع ابن منزو عسكر دمشق لقصد بدر، فلمَّا عرف ذلك رحل إلى صور وحاصرها، ومتولِّيها القاضي الناصح ثقة الثقات عين الدولة أبو الحسن محمد بن عبد الله بن أبي عقيل، فحاصرها أيامًا، وقَرُب منه ابن منزو، فسار إلى عكا، وأقام أيامًا دخل فيها بزوجته بنت رقطاس التركي، ومضى إلى عسقلان، وجاء الشريف ابن أبي الجن من مصر إلى دمشق، وكان أهلُها هدموا قصر السلطنة ودرسوه، وكان عظيمًا، يسع ألوفًا من الناس، وأقام على دمشق سبعة وعشرين يومًا، ومعه خادم وحميد ابنا جراح اللذان اتَّفقا مع الشريف على الفتك ببدر، وكان حميد قد طمع من بدر في مثل ما فعله من خادم، ولمَّا عجز بدر عن دمشق [عاد إلى عكا؛ لأن الشريف والعساكر والعوامَّ دفعوا عنها، ولما رحل عن دمشق] اختلف العسكر وأحداث البلد، فنهب العسكرُ بعض البلد، ونادَوا بشعار بدر