للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الجمالي، واستدعَوا منه صاحبًا يكون عندهم، فأنفذ إليهم رجلًا يعرف بالقطنان في جماعة من أصحابه، فدخل دمشق، وهرب الشريف ابن أبي الجن وولدا ابن منزو، وكان أبوهما قد مات على صور في هذه السنة، فنزل ابنا منزو على الكلبيين، وسار الشريف طالبًا مصر، فاجتاز بعمان البلقاء، وبها بدر بن حازم صاحبها، فقبض على الشريف وباعه من بدر الجمالي باثني عشر ألف دينار، فقتله أمير الجيوش بعكا خنقًا، وبعث بدر الجمالي إلى دمشق علويًّا يُعرف بابن أبي سوية من أهل قيسارية، وأمر بمصادرة الشريف أبي الفضل بن أبي الجن أخي المقتول وجماعة من مقدَّمي دمشق، وعلم أهل دمشق، فثاروا على ابن أبي سوية، وأخرجوه ولعنوا أمير الجيوش، ووافقهم العسكر، وبعثوا إلى مسمار بن سنان وحازم بن نبهان بن القرمطي أمير بني كلب، وبذلوا لهما تسليم البلد، فبعث إليهم مسمار يقول: لا يمكنني الدخول إلى البلد وتمليكه والعسكر جميعه فيه والمغاربة والمشارقة، ويجب أن تخالفوا بينهم وتُخرجوا المشارقة، ففعلوا، وصاروا أحزابًا، وكان القت الذي غربي الجامع، ورُمي المشارقة وأهلُ البلد بالنُّشَّاب من دار قريبة من الجامع، فضُربت الدارُ بالنار فاحترقت، وثارتِ النارُ منها إلى الجامع فأحرقَتْه ليلة نصف شعبان هذه السنة، ولمَّا رأى العوام ذلك تركوا القتال وقصدوا الجامع طمعًا في تلافيه ليداركوا ما حدث فيه، ففات الأمرُ، فرمَوا سلاحهم، ولطموا واستغاثوا إلى الله تعالى وتضرَّعوا وقالوا: كم نحلف ونكذب، ونغدر ونحنث، ونعاهد وننكث، والنار تعمل إلى الصباح، فأصبح الجامع ولم يبقَ منه إلا حيطانه الأربعة، وصاروا أيام الجمعات يُصلُّون فيه على التِّلال وهم يبكون، وانهزموا بعد ذلك، ونُهبت دورُهم وأموالُهم، وأنفذ مسمار واليًا إلى دمشق من قِبَله يُعرف بفتيان، وراسل مسمار أهلَ البلد ثانيًا بأن ينهبوا ويثِبوا على المغاربة ويخرجوهم، ويتَّفق هو وأهل البلد، فثاروا عليهم، وتأخَّر مسمار عنهم واقتتلوا (١)، فظهر عليهم المغاربة، وأحرقوا قطعةً من البلد، ونهبوا أكثرها، ونادوا بشعار [بدر] (٢) أمير الجيوش، ووصل مسمار بعد ذلك إلى باب البلد، وقد فات الأمرُ الذي ورد له،


(١) في (خ): واعتقلوا، والمثبت من (ف).
(٢) هذه الزيادة من (ف).