للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

نحصل ها هنا عشرة آلاف دينار، ونُنفِذ من بغداد أربعين ألف دينار، ووقع الرضا بهذا، وشرعوا في تحصيل العشرة آلاف فلم يكن لها وجه، وعرف السلطان، فأمر بتأخير الكلِّ إلى أن ينفذ من بغداد.

وقالت خاتون: إذا أملكتُ ابنتي بأمير المؤمنين فأُريد أن يخرج إلى عمته وأمه وجدَّته ومن يجري مجراهنَّ من أهل بيته ومحتشمي دولته، وأُحضر أنا خواتينَ غَزْنة وسمرقند وخراسان ووجوهَ البلد، ويكون العقد بمحضرٍ منهنَّ، وأُنفذ معها في الجماعة من يصلح على قدر ما يليق بحال أمير المؤمنين وحالنا. فقال فخر الدولة: تُعطينا يدَها على ذلك لتقع الثقة، وشاور النظام السلطان، فأذن في ذلك، وأعطاهم يده، واخترقت خاتون أشياءَ، منها: أنَّه لا يبقى بدار الخليفة سُرِّية ولا قَهرمانة، وأن يكون مقام الخليفة عندها. وعاد فخر الدولة إلى بغداد في ربيع الأول، فخرج ولدُه والحجَّاب والوجوهُ للقائه، وجاء إلى باب الحُجرة، وأخبر بما لقي من السلطان والنظام من الإحسان والخِلَع والإطلاق وأعطاه السلطان ألفي دينار، وببغداد مثلها، ولولده عميد الدولة مثلَها، وأعطاه الأعلام والكوسات والخيل بمراكب الذهب والثياب المُذْهبة، ولمَّا ودَّع السلطانَ أخذ يده على أنَّه لا يُمكِّن الخليفةَ من الاستبدال بهم في خدمته، ولم يُفسِح للوزير أبي شجاع في العَوْد إلى بغداد، ورسم له بالمُقام في العسكر، وعاد مختصٌّ الخادمُ الَّذي كان معه، ونقل ذلك إلى الخليفة، ونسبه إلى فخر الدولة.

وفي هذا الشهر عاد مسلم بن قريش من الشام إلى منزله بالقابوسية من أعمال الموصل.

ذكر السبب:

لمَّا صَعِد إلى الشام طالب الفردوس والي أنطاكية بمال الهدنة وهو ثلاثون ألف دينار في كل سنة، فلم يحمل إليه شيئًا، وكانت أهل أنطاكية قرَّروا معه فَتْحَها وتسليمَها إليه، وكان من سوء رأي مسلم وتخلُّفه أنَّه كان له كاتب نصراني، فكان يدَعُ عنده مكاتباتهم ثقةً به، وتحقَّق الكاتبُ فتحَ أنطاكية، فهرب إليها ومسلمٌ بحلب، ودفع تلك الكتب إلى الفردوس، فلما وقف عليها أحضرهم، وكانوا ثلاث مئة إنسان، فقتلهم بين يديه صبرًا، وكاشف مسلمًا، وكتب إلى السلطان بأنه يكاتِبُ صاحب مصر ويُنفِذُ له