الخِلَعَ والأموال، واستقرَّ أنَّ الفردوس يَحمل إلى السلطان في كل سنة مال الهدنة، وبعث نظام الملك، فعَتَب مسلم بن قريش، فقال في الجواب: إن كانت الكتبُ مني إلى صاحب مصر توجَّه العَتْبُ عليَّ، صبيان كانت منه إليَّ فاحفظوا صاحبًا لكم يرغب فيه صاحبُ مصر، لا تُخرجوه عن أبيديكم، وارغبوا فيه كما رغب فيه غيرُكم. ثم سار مسلم إلى شَيزَر وفيها ابن منقذ، فحاصره، واستقرَّ أن يعطيه عشرة آلاف دينار ويرحل عنه، وسار إلى حمص وهي في يد ابن ملاعب، فتحصَّن بالقلعة، فأخذ البلد، وكتب ابن ملاعب إلى تُتُش يستنجده، فكتب إلى مسلم: إنَّ هذا صاحبي مُنتمٍ إليَّ فارحَلْ عنه. فبعث إليه: إنَّ هذا رجل مفسدٌ في أعمال السلطان قاطعٌ سُبُلَها، فإن كان صاحبًا لك فخُذْه إليك. فرحل تاج الدولة تُتُش من دمشق يريد ابن قريش، فخاف من عَتْب السلطان وأنه حارب أخاه، فسار إلى صور، وأظهر أنَّه يريد حصارها، فرجع تُتُش إلى دمشق، وعاد مسلم إلى حمص، فخرج نساءُ ابن ملاعب وحريمُه فتعلَّقْنَ بذيل مسلم، فاستحى منهنَّ، وذمَّ له وأبقاه على حاله، ولم يُطالِبْه بمال تقرَّر عليه، واستحلفه وحلف له، وعاد إلى حلب، وكان في أعمالها نحوٌ من ثلاث مئة فارس من التركمان بقايا مَنْ كان يخدم بني الزَّوقلية، فاستدعاهم من الأعمال، وأظهر أنَّه يعرضهم، فلمَّا حضروا على بابه أمر العرب فنكسوهم عن خيولهم وقيَّدوهم، وفرَّقهم في القلاع، وكان ذلك آخر العهد بهم، وقبض على حسن بن مَنيع بن وثَّاب النمري الأعرج صاحب سروج، وأخذها منه.
وقيل: إنه وجد له منطلقات إلى تُتُش، فكان آخر العهد به، وقبض على شبيب ووثَّاب ولدَي محمود بن الزَّوقلية، وطالبهما بتسليم قلعتي أعزاز والأثارب، فسلَّماهما، فأفرج عنهما، وعوَّضهما الخاتونية، وقرقيسيا، ودورًا من أعمال الرحبة.
وفيه ثار رجل بالبصرة يُعرف بعبد الباقي بن الشاموخي، فجمع العوامَّ، وتعرَّض لأماكن الشيعة، منها مسجد البغل، سَدَّ بابه، وفتح له بابًا إلى ناحية السُّنَّة، وسمَّاه مسجد عائشة، وجعل فيه حجرًا زعم أنها كانت تصعد عليه إذا ركبت الجمل، ولفَّه في ثياب ديباج. وفي محلَّة بني مازن مسجدٌ يعرف بعلي ﵁، فأخذ ما كان فيه في الآلات، وأمر العوامَّ بغسله وتطهير القبلة، وكان إلى جانبه أشرافٌ مدفونون، فنبشهم