للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقيل: أخذ عن كلِّ دابة دينارًا أو درهمًا، وبلغ ابنَ قريش، فسار من منزله بالقابوسية إلى حلب وهو مُخف من العسكر والمال؛ لما جرى عليه وعلى آمد، واتَّفق أنَّه وقع بين الحنيني الهاشمي مُتقدِّم الأحداث بحلب وبين علي أخي مسلم المقيم بحلب لحمايتها، فأنفذ الهاشميُّ إلى مسلم يشكو منه، وقال في رسالته: قد شاع ما في أنطاكية من العدل والإنصاف، وأخاف أنَّ أهل حلب يريدون ويقصدون ويتوصَّلون إلى تسليم البلد، فقبض مسلم على أخيه واعتقله، وأخذ منه عشرة آلاف دينار، وتتبَّع الهاشمي أصحابَه، فقبض عليهم، وشفى فؤاده منهم، وخبُثت نفسُه، فابتاع حصنًا يُعرف بحصن أبي قبيس لا يرام، ونقل أمواله وذخائره إليه، وقُتِلَ مسلم في هذه السنة.

وأمَّا السلطان فسار مُجِدًّا في نفر يسير، حتَّى ورد نيسابور ولَحِقَ به عسكرُه، فوجد أخاه تكش (١) قد أفسد في البلاد، وأخذ وجوه أهل مرو وصادرهم؛ ظنًّا منه أن السلطان توغَّل في الشام، والتقت طلائع الفريقين، فانهزم تُكش إلى قلعته بعد أن أُسِرَ من أصحابه جماعة، فبعث بهم السلطان إلى أصفهان معتقَلين، وسار وراءه متيمِّمًا، وبعث إلى تِرْمِذ مَن انتزعها من يد نُوَّاب (٢) تُكش، وراسل إبراهيم بن مسعود صاحب غزنة، وقال: قد عرفتَ ما فعلتُه مع أخي، وأحسنتُ إليه وخرج عليَّ وعصاني، وقد حاصرتُه وما له ميرةٌ إلَّا من بلادك، فإن منعتَه فهو المأمول منك، وإن أعنتَه كنتَ ناكثًا لما بيننا من الإيمان. فأرسل إلى إبراهيم يعتذر ويومئ إلى توسُّط الحال وإصلاحها، ومضى جماعةٌ من الحُجَّاب والأمراء نحو القلعة (٣) والسلطان نازلٌ على المضيق، فوقعوا بخيول وجمال، ومواشٍ وغلمان، فأخذوا الجميع، وكان عددًا لا يُحصى، وكان تكش على قرب منهم سكران، فهرب وسَلِم.

وقال محمَّد بن هلال: وردت الأخبار إلى السلطان لمَّا كان بالموصل أنَّ تكش نزل بمرو الرُّوذ فأخربها ونهب أموال أهلها، وانتقل إلى مرو الشاهجان، فخدع أهلَها، ففتحوها له، فأباحها ثلاثةَ أيَّام، فنهبوا الأموال، وهتكوا الحريم، وشربوا الخمور في


(١) تصحفت في هذا الموضع والموضعين الآيتين في (خ) إلى: تتش، والمثبت من (ب).
(٢) في (خ): من ديوان، والمثبت من (ب).
(٣) في (خ): وأمراء القلعة، والمثبت من (ب).