للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

صاحبي يقول: أنا مقيمٌ على العهد الذي بيننا، وقد فرَّغتُ غَزْنة (١) ونقلتُ أهلها وأموالها إلى بلاد الهند، وأعوذُ بالله أن أواجهك أو أحاربك، ألقاك بالخضوع حتَّى يزول ما وقر في صدرك. فقال السلطان: إننَّا نرفعه من الدخول في (٢) عهد هذا الغلام الجاهل، ولا نؤثر مقاطعته لأجله.

وضاق بجند تكش الأمر، وأشرفوا على الهلاك، وتغيَّروا عليه، فأرسل رسولًا إلى السلطان يخدعه باطنًا، ويُجامله ظاهرًا، ووصل الرسول إلى نظام الملك، فقال له السلطان: قد خشيتُم أن نردَّ إليه منكم رسولًا أو كتابًا، ولا يتجاسر أحدٌ على خطابه في معناكم. فقال الرسول للنظام: هو قد ألقى إليك مَقاليدَه (٣)، وفوَّض إليك أموره، وحكَّمك فيما تراه. وقال: إن رأيتَ أنني أجيءُ وأطرحُ نفسي عليه جئتُ بعد أن تتوثَّق لي من السلطان، وأنا أُسلِّم إليه القلاع التي في يدي، فإنَّها سبب الوحشة، ويقرُّ عملي في يدي. فدخل النظام على السلطان وأخبره، فقال: عندي من الأمر أوفى من ذلك وأتمُّ، إن أراد أن أُقِرَّه في بلاده وأدعَ قلاعَه في يده، وأزيدَه في الإحسان فليحضرْ عندي بعد أن يُخَلِّفني بما شاء، ويتوثَّق بما أراد من جهتي وجهتك، وإن خاف الحضور فأنا أُفرِدُ له من بلادي موضعًا آخر، وأُفرِّج له عن الطَّريق حتَّى يمضي إليه ويُسلِّم ما بيده من هذه القلاع، وإن شاء أن أُسلِّم إليه طخارستان سلَّمتُها إليه، وليس بعد هذا عندي كلام ولا جواب، فأعلِمِ الرسولَ بهذا، وقل له: إن عاد بغير أَحَدِ هذه الأقسام ضربتُ عنقه.

واتَّفق أنَّ بعض الأمراء توغَّل في شعب تحت القلعة فيه قصرٌ قريبٌ من الباب وفيه تكش سكران، فواقعه، وحماه أصحابُه واستنقذوه، فصعد إلى القلعة، وعاد الرسول، فقيل له: بماذا جئت؟ فقال: بما يرضي السلطان. فبادر النظام، وأخذ بيده، ودخل على السلطان، فقال له: بماذا جئت؟ فقال: الملك العادل يقول: أمَّا القلاع فلا أُسلِّمها، ولكني أُخرِبُها، وأمَّا اللِّقاء فإنني لا أحضر بابك، ولكني أكون على رأس


(١) في (خ): عشيرته، والمثبت من (ب).
(٢) في (خ): على، والمثبت من (ب).
(٣) في (ب): مقايده، والمثبت من (خ).