للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

واعتدال الخلق، ولهم مع ذلك صرامة وشجاعة، ولا آمنهم أن يَثِبوا عليَّ، ولا تستقيم الأمور إلا ببوارهم. فكتب إليه: أما بعد: فإنك إذا قتلتهم؛ أَنْبت إقليم بابل أمثالَهم، لأنه إنما يُنبت الرجالَ العقلاء، أهل الرأي والسداد، والاعتدال في التركيب، فصاروا أعداءً لك، وإخراجُهم من عسكرك مخاطرةٌ بنفسك وأصحابك، فافعل ما هو أنفع لك من قتلهم، استدع أولاد الملوك منهم؛ فقلِّدهم البلدان، وولّهم الولايات، ليصيرَ كلُّ واحد منهم ملكًا برأسه، فتتفرَّق أجسامهم، وتجتمع كلمتُهم على الطاعة. ففَعَل الإسكندرُ ذلك، فصَلَحت الأحوالُ (١).

وكتب إليه: إنما تُملَك الرعايا بالإحسان إليها، فأحسن تظفرْ بالمحبة منها، واعلم أنك إنما تملك الأبدان، فاجمع إليها القلوب.

وقال الجاحظ: أرسطاطاليس تلميذ أفلاطن، وأفلاطن تلميذ سُقراط (٢).

وقال الهيثم: رؤساء الفلاسفة ستة: سُقراط، وبُقراط، وأفلاطن، وفيثاغورس، وثالس، وأرسطاطاليس، وهو الفيلسوفُ الأعظم عندهم، وهو الذي رتَّب علومهم وهذَّبها وحذف الحشو منها، وانتخب الأقرب إلى الصواب، وزاد على مَن تقدَّمَه حتى على أستاذه أفلاطن الألمعي. وقد اعتذر عن ذلك فقال: أفلاطن أستاذ وصديق، والحق صديق، وهو أصدقُ منه.

وقال: لكلِّ شيءٍ صناعة، وصناعة العقل حُسنُ الاختيار.

وقال: اعصِ الهوى، وأَطِعْ من شئت.

وقال: الأديانُ أوطان.

وقال: إذا خان السفيرُ بطَلَ التدبير، وإذا كان الجاهلُ عدوًّا لنفسه، فكيف يكونُ صديقًا لغيره؟!

وقال للإسكندر: إن الناس إذا قدروا أن يقولوا، قدروا أن يفعلوا، فاحترز من أن يقولوا، تسلم من أن يفعلوا. فقال له: صدقت أيها الحكيم (٣).


(١) تجارب الأمم ١/ ٣٩.
(٢) ذكره المسعودي في التنبيه والإشراف ص ١٢٠، ومروج الذهب ٢/ ٢٥٠ دون عزو إلى الجاحظ.
(٣) في هامش (ك): ليس هذا من كلام أرسطو.