للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ثم سلَّم وقدَّم مِكْتلًا فيه عنب، وجعلَ يتخيَّر للمرأة منه، ثم قال: من أين المرأة؟ قالت: من أهل العراق، ولي خمسُ بنات كسل (١) قال: سمِّي الأولى، فسمَّتْها، ففرضَ لها، ثم الثانية، ثم الثالثة والرابعة، وهي تحمد الله، فلما سمَّت الخامسة، شكَرَتْه، فرمى بالقلم من يده وقال: كُنْتُ أفرضُ لهنَّ حيث كنت تُولين الحمدَ لأهله، أمَّا حيث ولَّيتني إيَّاه، فمُري الأربع يواسبن الخامسة. فدعت له، ودفعَ إليها نفقةً من ما له، وانصرفت.

فلما قدمت العراق جاءت بالكتاب إلى عامله عبد الحميد بن عبد الرحمن، فلما نظر في الكتاب بكى، واشتدَّ بكاؤه وقال: رحم الله صاحبَ هذا الكتاب. فبكت المرأة وولولت وقالت: ضاع تعبي. فقال لها عبد الحميد: لا بأس عليك، واللهِ ما كُنْتُ ممَّن يطيعُه في حال حياته، ويعصيه بعد مماته. ففرضَ لبناتها ولها، وزادهنَّ.

حديث الجارية وفاطمة:

قال الهيثم: كانت لفاطمة بنتِ عبد الملك جارية ذاتُ جمال، وكان عمر Object معجبًا بها قبل أن تُفضي إليه الخلافة، فطلبها منها وحرص، فأبت أن تدفعَها إليه وغارت منها، ولم تزل في نفس عمر.

فلما استُخلف؛ أمرت فاطمة بالجارية، فأُصْلِحَتْ وحُلِّيَتْ، فكانت حديثًا في حسنها وجمالها، ثم دخلت عليه فاطمة، فقالت: يا أمير المؤمنين، إنك كنتَ سألتَني فلانة، فأبيتُ عليك، والآن فقد طابَتْ نفسي لك بها، فدُونَكَها. فاستبانَت الفرح في وجهه، وقال: أرسلي بها إليَّ. فأرسلت بها، فلمَّا دخلت عليه نظر إلى شيءٍ أعجبَه، فازدادَ بها عَجَبًا وقال لها: ألقي ثوبك. فلما همَّت أن تفعل؛ قال لها: على رِسْلِكِ، أخبريني، لمن كنتِ؟ ومن أين وصلتِ إلى فاطمة؟ قالت: كُنْتُ لعاملٍ من عمال الكوفة، فأغرمه الحجَّاج أمواله واستصعفاه، فأُخذتُ في رقيقه، فبعثَ بي الحجاج إلى عبد الملك مع المال والرقيق، وأنا يومئد صبيَّة، فوهبني عبدُ الملك لابنته فاطمة. قال:


(١) كذا في النسخ، وجاء فيها بعدها غير (ص): كسد.