للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عمر: لو كتبتُ إليك في شاة تذبحها؛ لكتبتَ: أسوداء أم بيضاء؟ فرِّقْ في ولد عليٍّ من فاطمة عشرة آلاف دينار فطالما تَعَدَّتْهم حقوقُهم.

ودخل زين العابدين على عمر وهو والي المدينة، فقام له، وأجلسه إلى جانبه، وقضى حوائجه، فلما خرج قال عمر للجماعة: مَن ترون خيرَ الناس؟ قالوا: أنتم. قال: لا والله، خيرُ الناسِ في يومنا هذا هذا الرجلُ الَّذي كلُّ الناس يتمنَوْن أن يكونوا مثلَه، ولا يتمنَّى هو أن يكونَ كأحدهم.

وقال هشام: كان الوليدُ بن عبد الملك قد كتب إلى زيد بن الحسن بن علي بن أبي طالب يأمره أن يخلعَ سليمان بن عبد الملك، ويبايعَ لعبد العزيز بن الوليد، ويتوعَّدُه بالقتل إن لم يفعل، فأجابه خوفَّا مَعْه، وكتب إليه بذلك.

فلما مات الوليد واستخلف سليمان؛ وُجد كتاب زيد إلى الوليد في بعض الخزائن، فكتب سليمان إلى عامله على المدينة: ادْعُ زيدَ بنَ الحسن، فأقرئه هذا الكتاب، فإن اعترف؛ فأخبرني، وإنْ أنكر فقَدِّمْه إلى بين القبر والمنبر فاصْبِرْ يمينَه (١) أنَّه ما كتب هذا الكتاب ولا أمرَ من يكتبُه، فلما ورد الكتاب إلى المدينة أرسله العاملُ إلى زبد، فقال: أنْظِرْني. ثم بعث إلى القاسم بن محمد، وربيعة، وسالم بن عبد الله يستشيرُهم في ذلك، واعتذرَ بخوفه من الوليد، وقال: لو لم أُجبه ليقتلنّي، أفتَرَوْن أن أحلف؟ فقالوا: إيَّاك ومبارزةَ الله، وإنَّا نرجو أن يُنجيَك اللهُ بالصدق. فأرسلَ إلى الوالي وأقرَّ أن الكتابَ كتابُه، وإنما فعلَ ذلك خوفًا من الوليد، ولم يحلف.

فكتب العامل إلى سليمان يخبره، فكتب إليه: اضْرِبْه مئةَ سوط، ودَرِّعْهُ عباءة، ومشِّهِ حافيًا.

وعلم عمر بالكتاب، فحبس الرسولَ عنده أيامًا، ومرضَ سليمان، فأخذَ منه الكتاب وقال: لا تخرجْ، فإن سليمان مريض، ولعلَّه تَطِيبُ نفسُه. واستنزلَه عنه.

فأقام الرسول ثلاثة أيام، ومات سليمان، ووليَ عمر ، فمزَّق الكتاب (٢).


(١) أي: أَلْزِمْه باليمين، وحلِّفْه جَهْدَ القَسَم.
(٢) الخبر بنحوه في "تاريخ دمشق" ٦/ ٦٠٢ (مصورة دار البشير- ترجمة زيد بن الحسن بن علي) ومن قوله: وقال سابق البربري: وفد يزيد (قبل سبع صفحات) … إلى هذا الموضع ليس في (ص).