للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

هذه الأبيات لبقيلة (١) الأشجعي جاهلي فصيح (٢).

قال إسماعيل: فوقفت عليه وقلت: من أنت؟ فقال: أنا الوابصي، أُسرتُ فعُذِّبتُ، فدخلتُ في دينهم كُرهًا. فقلتُ: ارْجِعْ إلى الإسلام. فقال: أبعد ما وُلدَ لي فيهم ابنان، أدخلُ المدينة، فيقول بعض غلمانها لابني: يا نصراني! لا والله لا أُسلم أبدًا. قال: فقلت له: أفما (٣) كنتَ تقرأ القرآن؛! قال: بلى، ولكن نسيتُه كلَّه سوى آيةٍ واحدة، وهي قولُه تعالى: ﴿رُبَمَا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ كَانُوا مُسْلِمِينَ﴾ [الحجر: ٢] فقال إسماعيل للمتنصِّر: إنَّ أمير المؤمنين بعثني في الفداء، وأنتَ أحبُّ مَنْ أفتديه (٤)، أنشدك الله، ارجعْ إلى الإسلام، فقال: أبعدَ ما بطنتُ في الكفر.

وهذا المتنصّر هو الصَّلْتُ بن العاص [بن] وابصة بن خالد بن المغيرة المخزومي. وكان عمر بن عبد العزيز قد حدَّه في الخمر لمَّا كان واليًا على المدينة، فهربَ إلى الروم فتنصَّر، ومات على النصرانيَّة (٥).

ذكر وفاة عمر بن عبد العزيز :

قال أبو سُليم الهُذلي: خطب عمر بنُ عبد العزيز، فقال: أمَّا بعد، فإنَّ الله ﷿ لم يخلقكم عَبَثًا، ولم يدع شيئًا من أمركم سدًى، وإنَّ لكم معادًا، فخاب وخَسِرَ من خرجَ من رحمة الله، وحُرمَ الجنَّة التي عرضُها السماواتُ والأرض، واشترى قليلًا


(١) نقل ابن عساكر في "تاريخه" ٢/ ٨٣١ عن الزُّبير بن بكَّار أن العتبيَّ صحَّف في اسمه فقال: نفيلة. وكذلك وقع اسمه في "الأغاني" ٦/ ١١٤ عن الزبير. ونقل أبو الفَرَج فيه عنه قوله: وسمعت بعض أصحابنا يقول: إن الشِّعر لمعمر بن العنبر الهُذَلي. والصحيح من القول أن بعض هذه الأبيات لابن هَرْمَة من قصيدة له يمدح بها عبد الواحد بن سليمان مخفوضة الميم، ولمَّا غُنِّي فيها وفي أبيات نُفيلة، وخُلط فيه ما أوجب خفض القافية، غُيِّر إلى ما أوجب رفعَها. وينظر "ديوان" إبراهيم بن هَرْمة ص ٢٠٠ - ٢٠٣.
(٢) من قوله: سليمٌ ملَّ منه (البيت الثالث) … إلى هذا الموضع ليس في (ص). وقد جاء فيها البيتان الأولان فقط، وجاء بعدهما ما لفظه: مع جماعة أبيات.
(٣) يوجد خرم في (ب) بدءًا من هذا الموضع وحتى ص ٢٠٠٣.
(٤) في (خ) و (الكلام منها): أحبُّ إليَّ ممن أفتديه. والمثبت من "تاريخ دمشق، ٢/ ٨٣١ (مصورة دار البشير- ترجمة إسماعيل بن أبي حكيم).
(٥) المصدر السابق.