للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[قال ابن عساكر:] (١) عاشت رَيَّا هذه مئة سنة في عزّ بني أميَّة، وكانت من أعقل النساء وأجملهنَّ، وكانت إذا دخلت على هشام بن عبد الملك تجيءُ راكبة، فكلُّ مَنْ رآها من بني أمية قام إجلالًا لها.

وأمُّها أدركت النبيَّ ، وسمعت من عمر بن الخطاب رضوان الله عليه.

وقال حمزة بن يزيد الحضرمي: لقد شاهدتُها في عزّها كذلك، ثم رأيتُها بعد ذلك مقتولة على درج جَيْرون مكشوفة العورة، وفي فرجها قصبة مغروزة، ويقولون: هذه حاضنة يزيد، قتلَها المسوِّدة لما هجموا دمشق.

قال (٢): وبلغَتْ من العمر مئة سنة، وحسنُها وجمالُها باقٍ على نضارته؛ قالت: لما جيء برأس الحسين ؛ وُضع في طَسْت وعليه ثوب، فأحضر بين يدي يزيد بن معاوية، فأمر برفع الثوب عنه، فحين رآه خمَّر وجهَه بكمّه، كأنَّه شمَّ منه رائحة، وقال: الحمد لله الذي كفانا المُؤْنة بغير مُؤْنة ﴿كُلَّمَا أَوْقَدُوا نَارًا لِلْحَرْبِ أَطْفَأَهَا اللَّهُ﴾.

قالت ريّا: فدنوت منه؛ وإذا رَدْعٌ من حِنَّاء (٣). قال حمزة: فقلت لها: أَقَرَعَ ثناياه بالقضيب؟ قالت: إي [والذي لا إله إلا هو -وفي رواية:] والذي ذهب بنفسه- وأنشدَ أبيات ابنِ الزِّبَعْرى (٤).

ولقد جاء رجلٌ من أصحاب رسول الله ، فقال ليزيد: قد أمكنك الله من عدوّك وابنِ عدوّ أبيك، فاقتل هذا الغلام ينقطع النسل [-يعني عليَّ بنَ الحسين- فقد رأيتَ ما لقيَ أبوك من أبيه،، فهُم قوم أصحاب مكر، وأهلُ العراق مائلون إليهم، يقولون: ابنُ رسول الله ، [ابنُ عليّ]، ابنُ فاطمة. اقتُلْه، فليس هو بأكرمَ من صاحب هذا


(١) تاريخ دمشق ص ١٠١. وما بين حاصرتين من (م).
(٢) يعني حمزة بن يزيد الحضرمي، والكلام في "تاريخ دمشق" ص ١٠١ (تراجم النساء).
(٣) الرَّدْع: ما لُطخ به من حِنَّاء، أو زعفران، أو نحوه. ينظر "القاموس".
(٤) سلف بيتان لابن الزِّبَعْرَى أول فقرة "ذكر قدوم السبايا والرأس دمشق وقد تمثل بهما يزيد.