للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لا والله، لا وطئَ لي بساطًا أبدًا. مَنْ بالباب غيره؟ قال: الأخطل. قال: أليس هو القائل:

ولستُ بصائمٍ رمضانَ طَوْعًا … ولستُ بآكلٍ لحم الأضاحي

ولستُ بزائرٍ بيتًا بعيدًا … بمكةَ أبتغي فيه صلاحي

ولستُ بقائمٍ كالعيرِ أدعو … قُبيلَ الصُّبح حيَّ على الفلاحِ

ولكنِّي سأشربُها شَمولًا … وأسكَرُ عند مُنْبَلَجِ الصباحِ

واللهِ لا يدخلُ عليَّ وهو كافر أبدًا. ثم قال: مَنْ بالباب غيره؟ قال: الأحوص.

قال: أليس هو القائل:

اللهُ بيني وبين سيِّدها … يَفِرُّ منِّي بها وأتَّبعُهْ

لا يدخل عليَّ.

ثم قال: مَنْ بالباب غيره؟ قال: جميل بن معمر. قال: أليس هو القائل:

أيا ليتنا نحيا جميعًا وإنْ أمُتْ … يوافقُ في (١) الموتى ضريحي ضريحُها

فما أنا في طُول الحياة براغبٍ … إذا قيل قد سُوِّي عليها صفيحُها

فلو كان عدوُّ الله تمنَّى لقاها في الدنيا لعل يعملُ بعدَها صالحًا لكان، واللهِ لا يدخلُ عليَّ أبدًا.

ثم قال: مَن بالباب غيره؟ قال: جرير بن عطيَّة. قال: أليس هو القائل:

طرقَتْكَ صائدةُ القلوبِ فليس ذا … وقتُ الزيارة فارْجِعي بسلامِ

إن كان ولا بدَّ فليدخُلْ هو.

فدخل جرير وهو يقول:

إن الَّذي بعثَ النبيَّ محمدًا … جعلَ الخِلافةَ في الإمامِ العادلِ

وسعَ الخلائقَ عدلُه ووفاؤُهُ … حتَّى ارْعَوَى وأقامَ مَيلَ المائلِ

ولقد منعتَ بما صنعتَ (٢) تحرُّجًا … مَكْسَ العشورِ على جسور الساحلِ

إني لآمُلُ منك خيرًا عاجلًا … والنفسُ مُولَعةٌ بحبِّ العاجلِ


(١) في "ديوان" جميل ص ٥١: يوافي لدى.
(٢) في "ديوان" جرير ص ٣٣١: ولقد نفعتَ بما منعتَ.