للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

للمسلمين! فقال عمر. هاه قد حلفتَ لي. فبسطَ يدَه وقال: اللهمَّ خِرْ لعمر في لقائك، ولا تُبْقِني بعده. وأقبلَ صبيٌّ صغير لعمر، فقال: وهذا أيضًا، فإني أحبُّه. فدعا له، فمات عُمر، ومات ابنُ أبي زكريا، وماتَ الصبي.

وقال عبد الرحمن بن زيد بن جابر: فما شبَّهتُ الثلاثة إلا بخَرَزَات ثلاث في سلك قُطع أسفلُه، فتتابعن في جُمعة (١).

وقال عبد الله بن المبارك: وجدوا في بعض الكتب: تقتلُه خشيةُ الله. يعني عمر بن عبد العزيز.

وقيل: إنه سُمَّ. وهو الأصحّ (٢).

قال أبو زيد الدمشقي (٣): لما مرض عمر [بن عبد العزيز] دخل عليه الطبيب، فجسَّ نبضَه، وصعَّد النظر فيه، وقال: إنه مسموم، ولا آمنُ عليه الموت. فرفع عُمر طَرْفَهُ إليه وقال له: ولا نأمنُ الموت على من لم يُسقَ السُّمَّ أيضًا. فقال الطبيب: هل أحسستَ بشيء؟ قال: نعم، قد عرفتُ حين وقع في جوفي. فقال: يا أمير المؤمنين فتعالج. فقال: واللهِ لو علمتُ أن شفائي في طرف أنفي لما مددتُ يدي إليه. قال: فتذهب نفسُك. قال: ربي خيرُ مذهوبٍ إليه، اللهمَّ خِرْ لعُمر في لقائك. فلم يلبث إلا أيامًا حتَّى مات.

وقيل لأبي سريع الشامي: فمَنْ سَمَّه؟ قال: وهل سمَّه إلا أقاربُه الذين ضيَّقَ عليهم الأمور بإقامة الحقِّ، ودحض الباطل، وإحياء السنن؟!

وقال أبو عبد الله الحاكم: استدعى عمر بالخادم الَّذي سمَّه، فقال له؛ لِمَ فعلتَ بي هذا؟! فبكى وقال: لشقوتي وشقاء المسلمين، إن فلانًا -وسمَّى بعض بني أمية (٤) - أعطاني ألف دينار، فبالله استَقِدْ منِّي، فقد ندمتُ. فقال [له] عمر : واللهِ لو


(١) بنحوه في "تاريخ دمشق" ٨/ ١٠٥٦ (مصورة دار البشير- ترجمة عبد الله بن أبي زكريا إياس).
(٢) من قوله: فقال إسماعيل للمتنصِّر قبل هذه الفقرة (ذكر وفاة عمر) … إلى هذا الوضع، ليس في (ص).
(٣) في (ص): حدثنا هشام بن عبد الله الرازي، أخبرنا أبو زيد الدمشقي قال … وهو بنحوه في "تاريخ دمشق" ١٩/ ٥٩ (مصورة دار البشير) وفيه: هشام بن عبيد الله.
(٤) قال ابن عبد ربّه في "العقد الفريد" ٤/ ٤٣٩: يرى الناس أن يزيد بن عبد الملك سمَّه؛ دسَّ إلى خادم كان يخدمه، فوضع السُّمَّ على ظفر إبهامه، فلما استسقى عمر، غمس إبهامه في الماء، ثم سقاه.