للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أُعطيتُ الدنيا وما فيها لما سممتُك، اذْهَبْ فضع الألف دينار في بيت المال، واذهبْ حيث شئتَ. ولم يتعرَّض له (١).

وقال هاشم: لما كانت الصَّرْعةُ التي هلك فيها عمر ؛ دخلَ عليه مَسْلَمةُ بنُ عبد الملك فقال: يا أمير المؤمنين، إنك فغرتَ أفواه ولدِك من هذا المال، وتركتَهم عَيلَةً لا شيء لهم، فلو أوصيتَ بهم إليَّ، أو إلى نُظرائي من أهل بيتك. فقال: أسْنِدُوني. فأسندوه، فقال: واللهِ ما منعتُهم حقًّا هو لهم، ولا أعطيهم ما ليس لهم. وأما قولُك: لو أوصيتَ بهم، فإن وصيِّى اللهُ، ووليِّي الله الَّذي نزل الكتاب، وهو يتولَّى الصالحين (٢). بنيَّ أحدُ رجلين؛ إما رجلٌ يتقي الله سبحانه، فسيجعلُ له مخرجًا، وإمَّا رجل يكبُّ على المعاصي، فإني لم أكن أقوِّيه على معاصي الله.

ثم بعث إليهم وهم بضعةَ عشرَ ذكرًا، فنظر إليهم، فذرفت عيناه، ثم قال: بنفسي الفتية الذين تركتُهم عَيلة لا شيء لهم، يا بنيَّ، إن أباكم خُيِّرَ بين أن تستغنوا ويدخل أبوكم النار، أو تفتقروا ويدخل أبوكم الجنَّة [فكان أن تفتقروا ويدخل أبوكم الجنَّة] أحبَّ إليه من أن تستغنوا ويدخل النار. قوموا عصمكم الله (٣).

وقال هشام (٤): إن عمر بن عبد العزيز قال لولده: يا بَنيّ، إنكم لا تلقون أحدًا من أهل الإسلام والذِّمَّة إلا ويرى لكم عليه فضلًا (٥).

وقال الزُّهري: خلَّف عمر سبعةَ عشرَ دينارًا، فأخذ كل ولد دينارًا، ومات مسلمة بن عبد الملك وترك ألف ألف دينار، فأخذ كل واحد من ولده نصيبَه.

قال رجاء بن حَيوة: فبارك الله فيما ترك عمر، ومحق ما ترك مسلمة، حتَّى إني رأيتُ بعضَ أولاد مسلمة يستعطي من أولاد عمر.


(١) بنحوه في "تاريخ دمشق" ٥٤/ ٢٠٣ (طبعة مجمع دمشق) عن مجاهد.
(٢) اقتباس من قوله تعالى: ﴿إِنَّ وَلِيِّيَ اللَّهُ الَّذِي نَزَّلَ الْكِتَابَ وَهُوَ يَتَوَلَّى الصَّالِحِينَ﴾ [الأعراف: ١٩٦].
(٣) حلية الأولياء ٥/ ٣٣٣ - ٣٣٤. وما سلف بين حاصرتين منه. وينظر "طبقات" ابن سعد ٧/ ٣٩٣، و "العقد الفريد" ٤/ ٤٤٠ - ٤٤١، و"تاريخ دمشق" ٥٤/ ٢٠٣ - ٢٠٤.
(٤) كذا في (خ) (والكلام منها). والخبر في "الحلية" ضمن الخبر قبله. لكن راويه هاشم كما سلف، فليحرر.
(٥) في "الحلية" ٥/ ٣٢٤: حقًّا.