للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وكتب في أسفلها: [من السريع]

بضاعتي تَقْصُر عن هِمَّتي … وهمَّتي تَقْصُر عن مالي

فالملحُ والأُشنان يا سيِّدي … أَحسنُ ما يُهديه أَمثالي

فأخذ الحسنُ المِزْوَدَين والرقعةَ ودخل على المأمون وأَوقفه على الرُّقعة، فاستحسن ذلك، وملأ المِزْودين دنانيرَ بعد أن أَفرغهما.

وقال هُدْبةُ بن خالد: حضرتُ مجلسَ المأمون، فلمَّا رُفعت الموائد، جعلتُ أَلتقط ما على وجه الأرض، فرآني المأمونُ فقال: يا شيخ، أَمَا شبعت؟! فقلت: بلى، ولكن حدَّثني حمَّاد بن سَلَمة عن ثابتٍ عن أنسٍ عن النبيِّ قال: "مَن أكل ما سقط على المائدة (١) أَمِنَ الفقر" (٢) فأمر لي بألف دينار، فقلت: يا أميرَ المؤمنين، وهذا مِصداقُ الحديث [وفي رواية: وهذا من ذاك] (٣).

وأمر المأمونُ محمدَ بن أبي خالدٍ ومحمدَ بن يَزدادَ أن يناظرا عَمرَو بن مَسعدةَ في مال الأهواز، فناظراه، فظهر عليه ستَّةَ عشرَ ألفَ ألفِ درهم، فقال المأمونُ لابن يَزداد: انظر كلَّ ما تعلَّق به عَمروٌ فيما يدَّعيه فأَمضِه، فتعلَّق بأشياءَ لا أصلَ لها، فسقط من المال عشرةُ آلافِ ألفِ درهم، وبقي ستَّةُ آلافِ ألفِ درهمٍ لا حجَّةَ له فيها، فأُخذ خطُّه بها وأنها واجبةٌ للمأمون في ذمَّته، فلما خرج محمدٌ أَحضر المأمونُ عَمرًا وقال: هذا خطُّك؟ قال: نعم، قال: خذْه فقد وهبتُه لك، فقال: يا أميرَ المؤمنين، قد وهبته لأحمدَ بنِ عروةَ عاملِ الأهواز؛ فإنَّه يطالب به وهو فقير، فغضب المأمون، وعلم عَمرو أنَّه قد أخطأ، فقام وخرج، فدخل على أحمدَ بن أبي خالدٍ فأخبره، فقال: لا بأسَ عليك، ودخل على المأمون، فقال له: يا أحمد، أَلا تعجبُ من عَمروٍ وهبته ستةَ آلافِ ألف درهمٍ بعد أن تجافيتُ له عن أَضعافها فوهبها بين يديَّ لأحمدَ بنِ عروة! كأنه


(١) في (ب): من أكل مما تحت المائدة. . . .
(٢) أخرجه أبو الشيخ في الثواب، والدارقطني في الغرائب، والخطيب في المؤتلف، قال ابن حجر في أطراف المختارة: سنده من هدبة على شرط مسلم، والمتن منكر، فلينظر فيمن دون هدبة. تخريج أحاديث الإحياء، وتنزيه الشريعة المرفوعة ٢/ ٢٦٢، وكنز العمال ١٥/ ٢٥٢.
(٣) ما بين حاصرتين من (ب).