للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الله، تزوجها أبو جهم (١).

قال المِسْوَر: كانت أم كلثوم بنت عقبة بن أبي معيط ممن هاجر إلى رسول الله يومئذ بعد ما شرط سهيل بن عمرو على رسول الله أن يرد إليهم من جاء مسلمًا، وكانت أم كلثوم عاتق فجاء أهلها يسألون النبي أن يُرْجِعها إليهم، فلم يرجعها لِما نزل فيهن: ﴿إِذَا جَاءَكُمُ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ﴾ الآيات إلى قوله: ﴿وَلَا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ﴾ (٢) [الممتحنة: ١٠].

قال عروة: فأخبرتني عائشة أن النبي كان يمتحنهن بهذه الآية إلى قوله ﴿غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾ [الممتحنة: ١٠].

قال: فمن أقرت بهذا الشرط منهن، قال رسول الله : "قد بايَعْتُكِ" كلامًا يُكلِّمُها به، والله ما مسَّتْ يده يد امرأة قط في المبايعة، وما بايعهن إلا بقوله (٣).

وقال ابن عباس: لما كتب رسول الله بينه وبين أهل مكة الكتاب، وفيه: من أتاه منهم رده عليهم، ومن أتى مكة من أصحابه لم يردوه عليه، وختم الكتاب، جاءت سبيعة بنت الحارث الأسلمية مسلمة، وزوجها مسافر من بني مخزوم وكان كافرًا - وقال مقاتل: إن زوجها صيفي بن الراهب - فقال: يا محمد، اردد علي زوجتي فقد شرطتَ لنا ما شرطتَ، وهذه طينةُ الكتاب لم تجفَّ بعد. فأنزل الله تعالى: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا جَاءَكُمُ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ فَامْتَحِنُوهُنَّ﴾ (٤) [الممتحنة: ١٠] أي: اختبروهن، فيستحلفن أنهن ما خرجن بسببٍ غير الإسلام، فحلفت سُبيعةُ فأعطى زوجَها مهرَها، وما أنفق عليها ولم يردَّها عليه. فتزوجها عمرُ بن الخطاب فكان رسول الله يردُّ من جاءَهُ من الرجال، ولا يردُّ من جاءه من النساء بعد الامتحان، ويعطي أزواجهن مهورَهن وما أنفقوا عليهن.

وقال مجاهد: كان عند طلحةَ بن عُبَيْدِ الله أروى بنتُ ربيعةَ بن الحارث بن عبد


(١) "السيرة" ٢/ ٣٢٧.
(٢) أخرجه البخاري (٢٧١١).
(٣) أخرجه البخاري (٢٧١٣).
(٤) انظر "تفسير البغوي" ٤/ ٣٣٢.