للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

السلطان، ودخل على السلطان، فخلع عليه الخِلَعَ الجليلة، وأعطاه الخيل بمراكب الذهب والفضة والكوسات والأعلام، وعتَبَه، فقال محمود: واللهِ ما كُنْتُ إلا على نية تَلَقِّيك حتَّى حَنقت منك، فعلم السلطانُ مَنْ فعل ذلك، فكاشر وأشار إلى ابن خان الَّذي قتل أخاه على صور، وعلم، فهرب إلى دمشق، ثم عاد إلى السلطان، فرضي عنه، وتقدَّم السلطان إلى محمود وأيتكين السليماني بالمضيِّ إلى دمشق وإقامة الخطبة للقائم، وبينما هم على ذلك إذ وردت رُسل ملك الروم بردٍّ مَنيح وأُرحبش ومنازكِرْد إليه، وبحمل الهدية، وجاءه خبرُ الإفشين وعَوْدُه سالمًا، وضجر السلطان من المقام بحلب، فكرَّ راجعًا، فقطع الفرات، وهلك أكثر الدواب، وعاد رسول الروم مستبشرًا إلى صاحبه، فقوَّى ذلك عزمَ ملكِ الروم على اتِّباعه وحربه.

وأمَّا حديث الإفشين فإنَّ أريسغي هرب من السلطان ومعه طائفة من الناوكية يريد القسطنطينية، وجاء إلى دربند وعليه قلعةٌ فيها امرأة يقال لها: مريم، فسألها أن تُمكِّنَه من العبور، فلم تفعل ذلك، وكان الملك لمَّا بلَغه خبرُ أريسغي بعث ميخائيل لقتاله ظنًّا منه أنَّه عدوٌّ، فلمَّا قَرُبَ منه ميخائيل أرسل إليه: ما جئت لأحاربكم، وإنما جئتُ ملتجئًا إليكم من السلطان. فقال: كذبتَ. فقال: لو كان هذا صحيحًا ما أخربتَ بلادنا ونهبتَ وقتلتَ. فحلف له، فلم يُصدِّقه، واقتتلوا، فنُصِرَ أريسغي على الروم، فقتل منهم خلقًا عظيمًا، وأمر ميخائيل وقطع عليه سبعين قنطارًا ذهبًا، وقَرُبَ الإفشين منهم، فقال لميخائيل: القصة كذا وكذا، وأنا أُطلِقُك ولا آخذُ منك شيئًا، وتجيروني من الإفشين. وعلم سِرَّه فأمَّنه، وسارا جميعًا إلى الملك، وقال: بيننا وبينك هدنةٌ، ولمَّا دخلتُ بلادك ما تعرَّضتُ لأحد، وهؤلاء اللاوكية أعداءُ السلطان، وقد نهبوا بلادَك وأخربوها، ويجب أن تُسلِّمهم إلينا، وإلَّا أخربتُ بلادكَ ولا هدنةَ بيننا. فقال الملك: كلُّ ما ذكرتَه صحيح، ولكن عادتُنا من لجأ إلينا أن لا نُسلِّمه. فرجع الإفشين فدرس الروم كأن لم يكن، فلم يَسْلَم منه إلَّا حصن منيع وبلد كبير، ووصل إلى درب مريم، ووقع الثلج، فأقام حتَّى ارتفع، وسار إلى خِلاط ومعه من الغنائم ما لم يغنَمْه أحد، وكتب إلى السلطان بذلك، وسار السلطان إلى الوزير، فجاءه خبرُ ملك الروم أنَّه قد