"فأخر الصلاة يومًا ثم خرج فصلى الظهر والعصر جميعًا، ثم دخل ثم خرج فصلى المغرب والعشاء جميعًا" يدل على أنه جمع بين الصلاتين وهو نازل غير سائر، وليس هذا خلاف للذي ذكره ابن عمر؛ لأن الجمع بينهما جائز نازلًا وسائرًا، حكى ابن عمر ما رأى من فعله، وذكر معاذ ما فعل، فأخبر كل واحد منهما كما رأى، فالجمع بين الصلاتين في السفر جائز نازلًا وسائرًا كما فعل النبي ﷺ، ولم يذكر أحد عن النبي ﷺ أنه نهى عن الجمع بين الصلاتين في السفر في حال دون حال، فيوقف عن الجمع بينهما لنهي النبي ﷺ.
قال أبو بكر: قد ذكرنا الأخبار الثابتة عن رسول الله ﷺ الدالة على جمعه بين الظهر والعصر بعرفة، وبين المغرب والعشاء بالمزدلفة، وذكرنا جمعه في غير هذين الموضعين من أسفاره، وقد أجمع أهل العلم على القول ببعض هذِه الأخبار، واختلفوا في القول بسائرها.
فمما أجمع أهل العلم على القول به، وتوارثته الأئمة قرنًا عن قرن، وتبعهم الناس عليه منذ زمان رسول الله ﷺ إلى هذا الوقت: الجمع بين الظهر والعصر بعرفة يوم عرفة، وبين المغرب والعشاء بجمع في ليلة النحر.
واختلفوا في الجمع بين الصلاتين في سائر الأسفار، فرأت طائفة أن يجمع المسافر بين الظهر والعصر، وبين المغرب والعشاء، وممن رأى ذلك سعد بن أبي وقاص، وسعيد بن زيد، [وأسامة بن زيد](١) وابن عباس، وابن عمر، وأبو موسى الأشعري، وطاوس، ومجاهد،