للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وكان الشافعي (١) يقول: أحب للقاضي أن يشاور، ولا يشاور في أمره إلا عالما بكتاب وسنة وآثار وأقاويل الناس، وعاقلا يعرف القياس، وما يحرف الكلام ووجوهه، ولا يكون هذا في رجل حتى يكون عالما بلسان العرب، ولا يشاوره إذا كان هذا مجتمعا فيه حتى يكون مأمونا في دينه لا يقصد إلا قصد الحق عنده، ولا يقبل ممن كان هذا عنده شيئا أشار به عليه على حال حتى يخبره أنه أشار به من خبر يلزم، وذلك كتاب أو سنة أو إجماع أو من قياس على وجه هذا، ولا يقبل منه وإن قال هذا له حتى يعقل منه ما عقل فيقفه عليه فيعرف منه معرفته، ولا يقبله منه وإن عرفه هكذا حتى يسأل هل له وجه يحتمل غير الذي قال؟ فإن لم يكن له وجه يحتمل غير الذي قال، أو كانت سنة فلم يختلف في روايتها قبله.

وقال أصحاب الرأي (٢): فإن كان خير للقاضي أن يجلس عنده علماء من أهل الفقه وأهل الصلاح قعدوا عنده، فإن دخله خصم في جلوسهم عنده أو أشغله ذلك عن شيء من أمر المسلمين جلس وحده.

[ذكر ما يبدأ به القاضي عند جلوس الخصوم عنده]

وقال أبو بكر: إذا تقدم إلى القاضي الخصمان تركهما ليتكلم المدعي منهما، فإن جهلا ذلك فلا بأس أن يقول لهما: يتكلم المدعي منكما، فإذا ابتدأ المدعي ليتكلم فتكلم المدعى عليه قبل فراغ المدعي من كلامه، أسكته حتى ينفذ المدعي دعواه ويتكلم بحجته، يأمره بالسكوت، ويأمر الآخر بالكلام، ولا يدعهما يتكلمان معا، وحسن أن يقول لمن أطال


(١) "الأم" (٦/ ٢٨٧ - مشاورة القاضي).
(٢) "المبسوط" للسرخسي (١٦/ ٩٨ - كتاب أدب القاضي).

<<  <  ج: ص:  >  >>