للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قال أبو بكر: والحكم بينهم وترك ردهم أحب إلي لأن في ذلك منع للظالم من الظلم، ودفعا للمظلوم وكما أنصرهم من غيرهم إذا أرادهم كذلك أنصر المظلوم منهم من الظالم (١).

[مسائل من باب الحكم بين أهل الكتاب]

اختلف أهل العلم في الكتابي يأتي إلى الإمام دون خصمه ليدعوا خصمه فينظر بينهم فقالت طائفة: لا ينظر بينهم حتى يأتي الخصمان جميعا. هذا قول مالك بن أنس (٢).

قال أبو بكر: ويشبه أن يكون من حجة من قال هذا القول قوله: ﴿فإن جاءوك فاحكم بينهم﴾ ولم يقل: فإن جاءك أحدهما.


= نحوه. وأخرجه ابن هشام في "السيرة" (٣/ ١٠٢ - ١٠٤) واللفظ له وابن جرير في "تفسيره" (٦/ ٢٣٢) من طريق ابن إسحاق به.
(١) قال الشوكاني في "فتح القدير" (١/ ٥٧٤): أجمع العلماء على أنه يجب على حكام المسلمين أن يحكموا بين المسلم والذمي إذا ترافعا إليهم، واختلفوا في أهل الذمة إذا ترافعوا فيما بينهم، فذهب قوم إلى التخيير وذهب آخرون إلى الوجوب، وقالوا: إن هذه الآية منسوخة بقول: ﴿وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ﴾ وبه قال ابن عباس ومجاهد وعكرمة والزهري وعمر بن عبد العزيز والسدي، وهو الصحيح من قول الشافعي وحكاه القرطبي عن أكثر العلماء.
وقال الطبري بعد ذكر الأقوال في المسألة: وأولى القولين في ذلك عندي بالصواب قول من قال: إن حكم هذه الآية ثابت لم ينسخ، وأن للحكام الخيار في الحكم بين أهل العهد إذا ارتفعوا إليهم فاحتكموا، وترك الحكم بينهم والنظر مثل الذي جعله الله لرسوله من ذلك في هذه الآية. ثم دلل على مذهبه بعدة أمور أنظرها هناك في "تفسيره تحت تأويل آية (٤٢) من المائدة.
(٢) "التمهيد" لابن عبد البر (١٤/ ٣٩١).

<<  <  ج: ص:  >  >>