للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فمن كان من الشعراء لا يعرف بنقص المسلمين وأذاهم، والإكثار من ذلك، ولا بأن يمدح فيكثر الكذب، لم ترد شهادته، ومن أكثر الوقيعة في الناس على الغضب أو الحرمان حتى يكون ذلك منه ظاهرا كثيرا مستعلنا، وإذا رضي مدح الناس بما ليس فيهم حتى يكون ذلك كثيرا ظاهرا مستعلنا كذبا محضا، ردت شهادته بالوجهين، وبأحدهما لو انفرد به، ومن كان إنما يمدح فيصدق ويحسن الصدق، أو يفرط فيه بالأمر الذي لا محض أن يكون كذبا لم ترد شهادته. فأما استماع الحداة ونشيد الأعراب، فلا بأس به كثر أو قل، وكذلك استماع الشعر، وذكر حديث عمرو بن الشريد، عن أبيه، وقد ذكرته فقال الشافعي (١): وسمع رسول الله الحداء والرجز، وأمر ابن رواحة في سفره فقال: حرك بالقوم، فاندفع يرجز، وذكر كلاما طويلا. وسئل مالك (٢) عن شهادة الشاعر: هل تجوز شهادته؟ قال مالك: إن من الشعراء من لا يؤذي بلسانه الجميل يمدح يريد بذلك أن يجازى، فإن لم يعط لم تؤذ فأرى هذا مقبولا شهادته، ومنهم من يؤذي ويشتم إن منع، فلا أرى إذا عرف بهذا - والقبيح - أن تقبل شهادته.

[ذكر شهادة الملاعب بالشطرنج والنرد]

واختلفوا في شهادة [الملاعب] (٣) بالنرد والشطرنج. قال مالك: أما من ادمنها فلا أرى شهادتهم طائلة يقول الله - جل عز - ﴿فماذا بعد الحق إلا


(١) "الأم": (٦/ ٣٠٢ - ٣٠٣ - باب شهادة القاذف).
(٢) "المدونة الكبرى" (٤/ ١٩ - باب شهادة المغني والمغنية).
(٣) ليست بالأصل، وأثبتها لحاجة السياق، وهي مثبتة فيما تقدم من التبويب.

<<  <  ج: ص:  >  >>