للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[ذكر الأيمان في الدماء]

اختلف أهل العلم في استحلاف المدعى عليه القتل، فقالت طائفة: الأيمان في الدماء تخالف جميع الأيمان، الدم لا يبرأ منه إلا بخمسين يمينا، وما سواه يستحق، ويبرأ منه بيمين واحدة إلا اللعان، فإنها بأربعة أيمان والخامسة (اللعان) (١) هذا قول الشافعي (٢)، وحجته في ذلك خبر القسامة، وفيه قول ثان: وهو أن الذي يستحلف في غير باب القسامة يمين واحد، هذا قول أصحاب الرأي ولا أحسبه إلا مذهب أهل المدينة (٣).

قال أبو بكر: ثبت أن رسول الله قال: "لو يعطى الناس بدعواهم لادعى ناس دماء رجال وأموالهم ولكن اليمين على المدعى عليه " (٤).

فهذا الخبر يصرح بأنها يمين واحدة لا أيمان جماعة وليس لمتأول مع هذا الخبر تأويل، ودخل في جملة قوله "البينة على المدعي واليمين على المدعى عليه " كل مدع وكل مدعى عليه إلا ما خص به النبي القسامة، فإن ذلك باب مخصوص لا يجوز أن يؤخذ ما أصله موجود في سنة النبي فيجعل فرعه يقاس على أصل لا يشبهه، وفي


(١) في "الأم": التعانه.
(٢) "الأم" (٦/ ٣٢٥ - باب الدعوى والبينات).
(٣) قال مالك: إنما فرق بين القسامة في الدم والأيمان في الحقوق أن الرجل إذا داين الرجل استثبت عليه في حقه، وأن الرجل إذا أراد قتل الرجل لم يقتله في جماعة من الناس، وإنما يلتمس .. الخلوة … انظر: "الاستذكار" (٢٥/ ٣٢٣)، و "عقد الجوهرة الثمينة" لابن شاس (٢٩١٣).
(٤) سبق تخريجه.

<<  <  ج: ص:  >  >>