إذ دخل عثمان بن عفان فعرَّض به عمر فقال: ما بال رجال يتأخرون بعد النداء فقال عثمان: يا أمير المؤمنين، ما زدت حين سمعت النداء أن توضأت ثم أقبلت، قال: والوضوء أيضًا؟! أو لم تسمع رسول الله ﷺ يقول:"إذا جاء أحدكم الجمعة فليغتسل"(١).
فممن احتج بهذا الحديث واستدل فقال: الغسل ليس بواجب الشافعي، كان يقول: لو كان واجبًا لرجع عثمان حين كلمه عمر، أو لردّه عمر حيث لم يرجع، فلما لم يرجع عثمان ولم يؤمر بالرجوع، دل على أن الغسل ليس بفرض.
واحتج إسحاق بهذا الحديث في تأكيد إيجاب الغسل يوم الجمعة، قال: قول عمر إلى الإيجاب أقرب منه إلى الرخصة؛ لأنه لا يدع الخطبة ويشتغل بمعاتبة مثل عثمان وتوبيخه على رءوس الناس بالشيء الذي تركه مباح لا إثم على تاركه، وقد كان ضاق الوقت فلم يمكنه الرجوع؛ لأنه لو فعل ذلك لفاتته الجمعة، وليس لأحد أن يحتج بقول عمر في الرخصة بترك الغسل من غير علة.
قال أبو بكر: قد ذكر الأخبار الدالة على أن الاغتسال يوم الجمعة ليس بفرض وأن ذلك ندب، وبها نقول.
* * *
(١) أخرجه البخاري (٨٨٢)، ومسلم (٨٤٥) كلاهما عن يحيى به.