للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

والمعنى الثاني: أنه يحرم أن يكون السبق إلا في هذا، وهذا داخل في معنى ما ندب الله إليه، وحمد عليه أهل دينه من الإعداد لعدوه القوة ورباط الخيل والآية الأخرى: ﴿فما أوجفتم عليه من خيل ولا ركاب﴾ (١) لأن هذه الركاب، فلما كان السبق عليهما يرغب أهلها في اتخاذها لآمالهم إدراك السبق فيها والغنيمة عليها كانت من العطايا الجائزة بما وصفنا، فالاستباق فيها حلال، وفيما سواها محرم، فلو أن رجلا سبق رجلا على أن يتسابقا على أقدامها، أو سبقه على أن يعدو إلى رأس جبل، أو أن يعدو فيسبق طائرا، أو على أن يصيب ما في يديه، أو على أن يمسك في يده شيئا، فيقول: اركن. فيركن، فيصيبه، أو على أن يقوم على قدميه صناعة أو أكثر منها أو على أن يصرع رجلاً، أو على أن يداحي رجلا بالحجارة فيغلبه، كان هذا كله غير جائز من قبل أنه خارج من معاني الحق الذي حمل عليه وخصته السنة مما يحل فيه السبق، وداخل في معنى ما حظرت السنة أو نفت السنة أن يكون السبق إلا في خف، أو نصل، أو حافر، وداخل في معنى أكل المال بالباطل.

قال أبو بكر: وقد روينا عن عطاء أنه قال: السبق جائز في كل شيء من حديث يحيى بن يمان (٢)، عن ابن جريج عنه (٣).

وقول عطاء هذا لا يخلو من أحد معنيين: إما أن يكون أراد أن السبق جائز في كل شيء في غير باب الرهان والعطايا، متأولا حديث عائشة: أن النبي سابقها على قدميه، ولقيه سلمة بن الأكوع، فإن كان أراد هذا


(١) الحشر: ٦.
(٢) يحيى بن يمان في حفظه مقال، وتغير بأخرة، وانظر: "التهذيب" رقم (٧٥٤٨).
(٣) لم أقف عليه، وقد أشار إليه الشوكاني في "نيل الأوطار" (٨٨/ ٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>