للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وقال مالك: قال عمر بن عبد العزيز: لا يصلح للقاضي أن يقضي إلا أن يكون عالما بما كان قبله من الأمر، مستشيرا لذوي الرأي.

وقال الشافعي (١): أحب للقاضي أن يشاور، ولا يشاور في أمره إلا عالما بكتاب وسنة وآثار وأقاويل الناس، وعاقلا يعرف القياس وما يحرف الكلام ووجوهه، عالما بلسان العرب، مأمونا في دينه، لا يقصد إلا قصد الحق عنده، وإنما أمرته بالمشورة، لأن المشير ينبهه لما يغفل عنه، ويدله من الأخبار على ما لعله أن يجهله، فإما أن يقلد مشيرا، فلم يجعل الله له هذا لأحد بعد رسوله، وإن لم يكن في عقله ما إذا عقل القياس عقله، وإذا سمع الاختلاف ميزه، فلا ينبغي أن يقضي، ولا لأحد أن يستقضيه.

وقد روينا عن ابن سيرين قال: التثبت نصف القضاء. وقال سفيان الثوري: وليكن أهل مشورتك: أهل التقوى، وأهل الأمانة، ومن يخشى الله.

قال أبو بكر: ليس لأحد أن يلي القضاء حتى يكون عالما بما يختلف فيه أصحاب رسول الله ومن بعدهم وبإجماعهم، جيد العقل أمينا فطينا، فإذا كان كذلك وتقلد القضاء ينظر ما يرد عليه من الأحكام مما هو منصوص في الكتاب أو السنة أو الإجماع، أو ما دل عليه بعض ذلك، فإذا ورد عليه مشكل من الأمر، أحضر له أهل المعرفة بالكتاب والسنة والإجماع، وسألهم عن ذلك، فإذا كان القائل منهم سأله من أين؟ قال، فإذا اختلفوا أخذ بأشبههم قولا بكتاب أو سنة أو إجماع،


(١) "الأم" (٦/ ٢٨٧ - ٢٨٨ - مشاورة القاضي).

<<  <  ج: ص:  >  >>