للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

شهادته وحرمته وحدوده بمنزلة المسلمين إلا أنه لا يجلد فيه من قذفه بأمه، ولا تجوز شهادته في الزنا وما أشبهه. قال: وسمعت الليث بن سعد يقول ذلك. ابن وهب عنهما، وقال بعض من نحفظ قوله: إنما أسقط - يعني مالكا - شهادته في الزنا خاصة، لأن الجملة فيمن فعل شيئا قبيحا أنه يحب أن يكون له نظراء. وقد حكي عن عثمان أنه قال: ودت الزانية لو أن النساء كلهن زنين (١).

قال أبو بكر: وفي هذا الكلام غلط من وجوه: أحدها: أن ولد الزنا لم يفعل فعلا قبيحا يستوجب به شيئا، فيحب أن يكون له نظير. والثاني: أني لا أعلم ما قاله عن عثمان ثابتا، وأشبه ذلك أن لا يكون ثابتا، إذ غير جائز على مثل عثمان في جلالته أن يطلق كلامه، ويحكي عن ضمير امرأة ما لا يعلم ذلك منها إلا حكاية عنها لو تكلمت فيه، فيقال: قالت كذا. فأما أن يرسل كلاما هكذا بالظن، فغير جائز ظن ذلك بعثمان، ولو كان مكان ولد الزنا الذي يفعل شيئا يستوجب به حد الزانية نفسها ثم تابت لوجب قبول توبتها، كما يجوز قبول شهادة سائر أهل الذنوب إذا تابوا، ولو شهد الزاني أو الزانية شهادة بعد أن يتوب، وبعد أن يزول عنه ذلك الاسم، لوجب قبول توبته والحكم بشهادته مع أن الكتاب يدل على قبول شهادته قال الله: ﴿ممن ترضون من الشهداء﴾ (٢) فإذا كان ولد الزنا بارا عدلا، وجب قبول شهادته، ولا يجوز أن يلزم ولد الزنا من فعله شيئا، لأن الله جل ثناؤه قال: ﴿وإبراهيم الذي وفى * ألا تزر وازرة وزر أخرى﴾ (٣) وقال: ﴿كل امرئ بما كسب رهين﴾ (٤) وولد الزنا لم يفعل


(١) لم أقف عليه.
(٢) البقرة: ٢٨٢.
(٣) النجم: ٣٧، ٣٨.
(٤) الطور: ٢١.

<<  <  ج: ص:  >  >>