للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ضلالة فلا أدري (١) لأحد منهم شهادة إذا ظهر فيها غلوه، وميله عن السنة. قلنا ذلك للآثار المتواترة ألا ترى أن رسول الله قال في الخوارج: "يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية " (٢). وقال فيهم سعد: أولئك قوم زاغوا فأزاغ الله قلوبهم (٣). ومنه قول حذيفة في المرجئة: إني لأعرف أهل دينين لا حظ لهم في الإسلام الذين يقولون: الإيمان قول ولا عمل. وكذلك قول أبي هريرة وابن عمر في القدرية: هم نصارى هذه الأمة ومجوسها. وذكر أخبارا ثم قال: ولو لم يكن في هذه الأهواء شيء من الآثار الذي ذكرنا لكان في اجتهاد الرأي والنظر تكون شهادة أهلها مردودة، وذلك أنا لا نعلم منهم صنفا إلا وهم يرون السيف، ويستحلون من كل من خالفهم دماءهم وأموالهم، فكيف يكون هؤلاء مأمونين على من لو قدروا عليه سفكوا دمه، وغنموا ماله، وانتهكوا حرمته يدينون بذلك تدينا، فهم إذا كانوا يفعلون هذا بأيديهم فهم لهم بالألسنة في الشهادة أفعل وإليه أسرع.

وأجازت طائفة شهادة أهل الأهواء إذا لم يستحل الشاهد منهم شهادة الزور. هذا قول ابن أبي ليلى، وسفيان الثوري، والشافعي (٤). وكان سوار يقبل [شهادة] (٥) ناس من بني العنبر ممن يرى الاعتزال إذا كانوا عدولا،


(١) في الأصل: أدري.
(٢) رواه البخاري (٣٦١٠، ٥٠٥٨، ٦١٦٣، ٦٩٣١، ٦٩٣٣)، ومسلم (١٠٦٤) من حديث أبي سعيد الخدري، وقد روياه أيضًا من مسند علي بن أبي طالب وغيره.
(٣) رواه أبو بكر بن أبي شيبة (٨/ ٧٤٠ - ما ذكر في الخوارج)، وعبد الله بن أحمد في "السنة" (٢/ ٦٣٨ رقم ١٥٢٥).
(٤) "الأم" (٦/ ٢٩٠ - ٢٩١ - باب ما تجوز به شهادة أهل الأهواء).
(٥) سقطت من "الأصل"، والمثبت من المغني" (١٤/ ١٤٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>