للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وقال الشعبي (١)، والقاسم بن محمد (٢): إن الرجل ليشمط (٣)، وما أونس منه رشدا.

قال أبو بكر: وحجة من قال بقول الحسن اتفاقهم على أن الله - جل وعز - قد منع أن يدفع إلى اليتيم ماله حتى يؤنس منه الرشد (٤)، وقد اتفقوا على دفع ماله إليه إذا بلغ النكاح، وكان صالحا في دينه مصلحا لماله.

واختلفوا في دفع ماله إليه على غير ذلك، ولا يجوز إطلاق المال بعد المنع إلا بحجة. وقد ذكرت ما احتج به من خالف هذا القول في غير هذا الموضع، وقول الحسن أحسن ما قيل في هذا الباب.

وكان الحارث العكلي يقول: إذا احتلم اليتيم فادفع إليه ماله.

قال أبو بكر: الوصي ممنوع من دفع ماله إليه قبل بلوغه، وإن كان فيه مصلحا حتى يبلغ، فإذا بلغ [و] (٥) كان غير رشيد وجب منع ماله منه (٦). وذلك أن كل ما أبيح بخصلتين لم يجز إطلاقه إذا انفرد أحدهما. كذلك قال من خالفنا فيمن طلق زوجته ثلاثا لم تحل له حتى تنكح زوجا غيره ويطأها، فإن نكحت ولم يطأها لم تحل للأول. فكذلك لا يجوز دفع مال اليتيم إلى اليتيم وإن بلغ النكاح حتى يؤنس منه الرشد. والله أعلم.


(١) أخرجه سعيد بن منصور في "سننه" (٥٦٤).
(٢) انظر "المحلى" لابن حزم (٨/ ٢٨٥).
(٣) قال ابن الأثير في "النهاية" (٢/ ٥٠١): الشمط: الشيب.
(٤) انظر "الإجماع" لابن المنذر" (٥٣٦) و "الإقناع في مسائل الإجماع" (٢٦٢١).
(٥) أثبتها ليستقيم السياق.
(٦) انظر "الإفصاح" لابن هبيرة (١/ ٣٨٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>