للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فصارت صفية لدحية الكلبي، ثم صارت لرسول الله ، ثم تزوجها، وجعل صداقها عتقها، فقال عبد العزيز لثابت: يا أبا محمد أنت سألت أنسا ما أمهرها؟ قال: أمهرها نفسها، فتبسم (١).

قال أبو بكر: فهذا حديث لا يختلف أهل المعرفة بالحديث في ثبوته، وجودة إسناده، فاعترض في ذلك معترض من أهل الكوفة (٢)، فقال - حيث لم يوافق هذا الحديث مذاهب أصحابه ولم يمكنه دفع إسناده - هذا لرسول الله خاص، فجعل ما أبيح للناس الاقتداء برسول الله فيه، له خاصا بغير حجة (٣)، ولو جاز ذلك لم يشأ من بلغه حديث لا يوافق مذاهب أصحابه أن يفعل كفعله، إذا يعجز عن مثل هذا أحد، ثم قصد إلى ما خص الله به نبيه في كتابه، فجعله له خالصا من دون المؤمنين، فقال: إذا وهبت المرأة نفسها للرجل وقبلها شهود، أن يلزمه لها مهر مثلها، إن مات عنها أو دخل بها، وإن طلقها قبل الدخول فلها المتعة، فجعل ما خص الله به نبيه عاما للناس، وحظر على الناس الاقتداء برسول الله فيما هو لهم مباح أن يقتدوا به، فجعله خاصا بغير حجة، حيث لم يوافق مذاهب أصحابه، وقد


(١) أخرجه البخاري (٩٤٧) عن مسدد به.
(٢) انظر: "المبسوط" (٥/ ١٠٠ - باب الشغار)، "شرح معاني الآثار" (٣/ ٢٠ - باب التزويج على سورة من القرآن). وقد ردَّ ابن المنذر هذا القول بما يغني عن التعليق عليه - فرحمه الله رحمة واسعة.
(٣) قال الجويني: الصيغة إما أن ترد في محل التخصيص أولًا، فإن وردت فهو خاص، وإلا عام؛ لأنا لم نجد دليلا ناطقًا على التخصيص ولا على التعميم. أهـ انظر "البحر المحيط" (٣/ ١٩١ - باب اشتمال العموم على بعض من يشكل تناوله المسألة السابعة).

<<  <  ج: ص:  >  >>