للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وحكى الوليد مثله عن مالك، والثوري.

قال أبو بكر: أما حكايته عن الثوري فكما حكى؛ لموافقته حكاية الأشجعي، والعدني، وعبد الرزاق، والفاريابي (١) عنه، وأما ما حكاه عن مالك، فما رواه أصحاب مالك عنه: ابن وهب، وابن القاسم أصح - والله أعلم.

قال أبو بكر: دل قول النبي : "إنَّما الأَعْمَالُ بِالنِّيَّةِ"، لما عمَّ جميع الأعمال، ولم يخص منها شيئًا أن ذلك في الفرائض والنوافل، ثم بين تصرف الإرادات فقال: "مَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ إِلَى اللهِ وَإِلَى رَسُولِهِ، فَهِجْرَتُهُ إِلَى اللهِ وَإِلَى رَسُولِهِ، وَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُة إلى دنْيَا يُصِيبُهَا، أَوِ امْرَأَةٍ يَتَزَوَّجُهَا، فَهِجْرَتُه إِلَى مَا هَاجَرَ إِلَيْهِ" فغير جائز أن يكون مؤديًا إلى الله ما فرض عليه، من دخل الماء، يُعَلِّم آخر السباحة بدرهم أخذه، أو مريد للتبرد والتلذذ، غير مريد لتأدية فرض؛ لأنه لم يرد الله قط بعمله، قال الله تعالى: ﴿وَمَنْ كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الدُّنْيَا نُؤْتِهِ مِنْهَا﴾ (٢).

قال قائل: إن من قصد درهمًا أو دينارًا يأخذه؛ ليعلم آخر السباحة لا يقصد غير ذلك، مؤديًا فرضًا لله تعالى عليه في الطهارة، مخالف كتاب الله وسنة رسوله، مع أن المناقضة لا تفارقه، حيث أوجب النية في التيمم وأبطلها في الوضوء، والخبر الذي به يوجب النية في التيمم، هو الذي أوجب النية في الوضوء، والصلاة، والزكاة، والحج،


(١) كذا في "الأصل، د، ط"، وهي نسبة إلى فارياب بليدة بنواحي بلخ، ويُنسب إليها بالفريابي، والفاريابي، والفيريابي أيضًا، وهذا الذي معنا هو أبو عبد الله محمد بن يوسف الفريابي. انظر: "الإنساب" للسمعاني (٤/ ٣١١، ٣٥٢ - ٣٥٣).
(٢) الشورى: ٢٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>