للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قال أبو بكر: ثم ترك ذلك فقال: لا بأس بحب البان بالبان المطيب.

ولا فرق بين هذا وبين المسألة التي قبلها، لأن ذلك الدهن قائم بعينه، وإن طيب بغيره.

وكان أبو ثور يقول: لا بأس بالزيتون بالزيت، والدهن بالسمسم، والعصير بالعنب، واللبن بالسمن، وذلك أن السمن مختلف والمعنى مختلف، وإنما القياس على المعاني، لأن رجلا لو حلف لا يأكل عصيرا فأكل عنبا لم يحنث، ولو حلف أن لا يأكل دقيقا فشرب سويقا أو أكل حنطة لم يحنث، وقالت طائفة: ما كان أصله السمسم فلا يصلح أن يباع بعضه ببعض إلا مثلا بمثل يدا بيد، والمنشوش (١) منه وغير المنشوش سواء، فلا يجوز مطبوخ منه بنئ، هذا قول الشافعي (٢).

وقد حكي عن النعمان أنه قال (٣): لا يجوز بيع الزيتون بالزيت، ولا الجلجلان بدهنه، إلا أن يعلم يقينا أن ما في الزيتون من الزيت أقل مما أعطى من الزيت، فيكون زيت بزيت ويكون الفضل بالثفل.

قال أبو بكر: كقول الشافعي أقول، وذلك أن الأدهان قائمة وإنما تغير منها الرائحة، وليس للريح حكم، كما لا حكم لألوان الطعام والتمور، ولا يصلح بيع ذلك - وإن اختلفت الألوان - إلا سواء بسواء، وكذلك اختلاف الريح في الأدهان لا يصلح أن يباع منها شيء بغيره لاختلاف الريح فيه، لأن أصله واحد، فإذا كانوا قد أجمعوا - إلا من


(١) المنشوش: يعني المختلط بروائح الطيب. وانظر: "لسان العرب" مادة (نشش).
(٢) انظر: "الأم" (٣/ ٢٩ - ٣٠ باب ما يجامع التمر وما يخالفه).
(٣) حكاه عنه: محمد بن الحسن في كتابه "الحجة" (٢/ ٦٦٧ - باب بيع الغرر).

<<  <  ج: ص:  >  >>