قالوا: فهذا المال لابنه من جاريتها. فقال حمزة: لأرجمنك بأحجارك. فقال له أهل الماء: أصلحك الله، إن أمره قد رفع إلى عمر بن الخطاب فجلده مائة لم ير عليه الرجم. قال: فأخذ حمزة بالرجل كفلا حتى قدم على عمر بن الخطاب فسأله عما ذكر أهل الماء من جلد عمر إياه مائة جلدة وأنه لم ير عليه رجما. قال: فصدقهم عمر بذلك من قولهم، وإنما درأ عنه الرجم، لأنه عذره بالجهالة (١).
قال هذا القائل: فهؤلاء جماعة من أصحاب النبي ﷺ قد رأوا الكفالة في الحدود. والعراقيون يقولون: لا كفالة في حد. وابن مسعود تكفل أصحاب ابن النواحة بالكوفة بحضرة جماعة من أصحاب النبي ﷺ غير الأشعث بن قيس وجرير بن عبد الله اللذين أشارا عليه بتكفيل هؤلاء القوم من عشائرهم، وحمزة قد كفل أيضا في الحد، ولعل ذلك قد ذكر لعمر، فهؤلاء جماعة من أصحاب رسول الله ﷺ قد رأوا الكفالة في الحدود، ولا نعلم صحابيا خالفهم، وأصل قول معلمنا - يعني الشافعي - وقول العراقيين في جملة ما يعطون في الأصل أنهم لا يخالفون الصحابي إلا إلى قول مثله، فيلزمهم جميعا على أصل مذهبهم أن يروا الكفالة في الحدود جائزة، فأما أن يروا كفالة النفس في غير الحدود ولا يعلم في صحابي أنه حكم به، ويبطلوا كفالة النفس في الحدود، وقد روي عن جماعة من أصحاب النبي ﷺ فهو سهو وإغفال، والله أعلم.
(١) أخرجه الطحاوي في "شرح معاني الآثار" (٣/ ١٤٧) من طريق ابن أبي الزناد به.