للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وكان مالك (١) يقول: إذا ضربه ضربا خفيفا، ليس الضرب إلا الضرب الذي يؤلم.

واختلفوا في الرجل يحلف ليجلدن عبده مائة، ثم جمعها فضربه ضربة واحدة.

فقالت طائفة: إن العلم يحيط أنه إذا ضربه بها [ماسته] (٢) كلها فقد بر، وإن كان يحيط العلم أنها لا تماسه كلها لم يبر، وإن كان العلم مغيبا قد تماسه وقد لا تماسه فضرب بها ضرب لم يحنث في الحكم ويحنث في الورع، هذا قول الشافعي (٣)، واحتج بقول الله ﴿وخذ بيدك ضغثا فاضرب به﴾ (٤) الآية وأن رسول الله ضرب رجلا في الزنا بأثكال النخل، وهذا شيء مجموع غير أنه ضرب بها ماسته.

قال أبو بكر: أما قوله: بين أن ماسته كلها وإن أحاط العلم أنها لا تماسه كلها لم يبر فكما قال. وأما قوله: إذا كان مغيبا قد تماسه، وقد لا تماسه لم يحنث في الحكم. فالواجب أن يحنث، لأن من حلف على شيء يفعله فهو غير بار، بل يحنث إن حلف على وقت بعينه أن يضرب فيه ومضى الوقت حتى يعلم يقينا أنه بر، لأن الأشياء غير جارية حتى يعلم حدوثها وغير كائنة حتى يعلم كونها، فقين اليمين غير جائز أن يسقط مثله في البر.

وكان أبو ثور يقول: إن وصل إليه جميعا بر في يمينه، وإن لم يصل


(١) "المدونة الكبرى" (١/ ٦١٠ - الرجل يحلف ليضربن عبده مائة).
(٢) في "الأصل": مسَّاته. والمثبت من "الإشراف" (١/ ٤٧٣).
(٣) "الأم" (٧/ ١٣٥ - من قال لامرأته: أنت طالق إن خرجت إلا بإذني).
(٤) ص: ٤٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>