للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

"لا يأتي ابن آدم النذر بشيء لم أكن قدرته، إنما أستخرج به من البخيل" (١).

وكان أبو عبيد يقول: وجه النهي عن النذر والتشديد فيه ليس هو أن يكون قائما، ولو كان كذلك، ما أمر الله أن يؤتى به ولا حمد أهله عليه، ولكن وجهه عندي تعظيم شأن النذور، وتغليظ أمره لئلا يستهان به فيفرط في قضائه، ويترك القيام به، ألست ترى أنه قد بلغ من وجوبه وشدة أمره أن جاءت السنة عن رسول الله في الوفاء بنذر الجاهلية، وحتى أوجبه على الموتى وأمر بقضائه عنهم، ثم جعلت العلماء هزله مثل جده حتى أوجبوا على المماليك إذا عتقوا، وبلغ بعضهم من الشدة فيه أن أنفذوه في الهجران وهو معصية، وإن كان هذا القول غير معمول به.

قال أبو عبيد: فإذا كان يؤمر به مع هذه الخلال الخمس من الشرك والموت والرق والهزل والمعصية، فكيف يكون حال الناذر به إذا زايلته هذه العلل كلها فكان نذره في الإسلام والحياة، والحرية والجد، والطاعة مع ما نطق به الكتاب واجتمعت عليه الأمة من إيجابه، فكل ما ذكرنا ينبئك عن تغليظ النذر وتعظيم شأنه، والمعنى الذي جاء النهي له، والله أعلم بما أراد نبيه من نهيه عنه.


(١) أخرجه أحمد (٢/ ٣١٤)، وابن الجارود في "المنتقى" (٩٣٢) كلاهما عن عبد الرزاق به وأخرجه البخاري (٦٦٠٩) من طريق عبد الله عن معمر به.

<<  <  ج: ص:  >  >>