للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

يجوز أن تكون كانت تستعير المتاع وتجحده ثم سرقت فوجب قطع يدها للسرقة، لا لأنها كانت تستعير المتاع وتجحده (١).

قال أبو بكر: هكذا أقول.


(١) اختلف نظر أهل العلم في هاتين اللفظتين بين الجمع والترجيح، وقد أطال الحافظ ابن حجر النفس في بيان ذلك في "الفتح" (١٢/ ٩١ - ٩٥). وأنا أجتزئ بعض أقواله ونقولاته هنا باختصار:
قال: قال شيخنا في شرح الترمذي: اختلف على الزهري، فقال الليث ويونس وإسماعيل بن أمية وإسحاق بن راشد: سرقت. وقال معمر وشعيب: إنها استعارت وجحدت … ثم قال: والذي اتضح لي أن الحديثين محفوظان عن الزهري، وأنه كان يحدث تارة بهذا وتارة بهذا، فحدث يونس عنه بالحديثين، واقتصرت كل طائفة من أصحاب الزهري غير يونس على أحد الحديثين. وقد اختلف نظر العلماء في ذلك فأخذ بظاهره أحمد في أشهر الروايتين عنه وإسحاق وانتصر له ابن حزم من الظاهرية، وذهب الجمهور إلى أنه لا يقطع في جحد العارية وهي رواية عن أحمد أيضًا، وأجابوا عن الحديث بأن رواية من روى (سرقت) أرجح، وأما الترجيح فنقل النووي أن رواية معمر شاذة مخالفة لجماهير الرواة قال: والشاذ لا يعمل به، وحكى ابن المنذر عن بعض العلماء أن القصة لامرأة واحدة استعارت وجحدت وسرقت فقطعت للسرقة لا للعارية .... وقال الخطابي: إنما ذكرت العارية والجحد في هذِه القصة تعريفًا لها بخاص صفتها؛ إذ كانت تكثر ذلك كما عرفت بأنها مخزومية، وكأنها لما كثر منها ذلك ترقت إلى السرقة وتجرأت عليها.
وقال القرطبي: يترجح أن يدها قطعت على السرقة لا لأجل جحد العارية من أوجه: أحدها: قوله في آخر الحديث الذي ذكرت فيه العارية (لو أن فاطمة سرقت) فإن فيه دلالة قاطعة على أن المرأة قطعت في السرقة، إذ لو كان قطعها لأجل الجحد لكان ذكر السرقة لاغيًا، ولقال: لو أن فاطمة جحدت العارية.
ثانيها: لو كانت قطعت في جحد العارية لوجب قطع كل من جحد شيئًا إذا ثبت عليه ولو لم يكن بطريق العارية. وذهب الحافظ في آخر مبحثه أن أقوى الطرق والمسالك أنها قطعت بسبب الأمرين. وراجع تمام كلامه هناك فهو نفيس.

<<  <  ج: ص:  >  >>