للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

البغي، فهذا خطأ من كل وجه، وحكاية هذا القول تجزئ عن الإدخال على قائله، وحجة أخرى قد أجمع أهل العلم على إيجاب الحد على الزاني بالزانية وقت زنيا، وإسقاط المهر عن الزاني على تلك الحال، وأجمعوا أنهما لو رفعا في ذلك الوقت إلى الحاكم لوجب إقامة الحد عليهما، وترك إلزام المهر، وغير جائز إلزام ما قد أجمعوا على أنه ساقط وهو المهر، وإسقاط ما أوجبه الله في كتابه مع إجماعهم على أن إقامته تجب لو جيء به وقت زنى.

قال أبو بكر: فأما إسقاط الحد عن من جاء تائبا فغير جائز، لأن الله أوجب إقامة الحد ولم يذكر استثناء، ولو كان لله في ذلك [مراد] (١) لبينه في كتابه كما ذكر توبة المحارب، والدليل على صحة هذا القول مجيء الغامدية إلى رسول الله لما أمر برجمها، وسبها خالد فقال: "لا تسبها فلقد تابت توبة لو تابها صاحب مكس لغفر له" (٢) ولم يجعل توبتها مزيلة للحد عنها، وكذلك قال في قصة الجهنية حيث قال له عمر: يا رسول الله، رجمتها ثم تصلي عليها! فقال: "لقد تابت توبة لو قسمت بين سبعين من أهل المدينة وسعتهم، وهل وجدت أفضل من أن جادت بنفسها" (٣) فإقامة النبي الحد على هاتين مع [ثيوبتهما] (٤) دليل على أن سقوط الحد بالتوبة إنما خص به المحاربين دون غيرهم.


(١) في "الأصل، ح": مراذا. والمثبت الجادة.
(٢) أخرجه مسلم (٢٣/ ١٦٩٥).
(٣) أخرجه مسلم (٢٤/ ١٦٩٦).
(٤) في "الأصل، ح": ثبوتهما. تصحيف، وما أثبتناه هو الصواب الذي يقتضيه السياق.

<<  <  ج: ص:  >  >>