للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ذكر ابن عون: أنه سأل الحسن عن الرجل يقذف الرجل، أيعفو؟ قال: لا. وحكى كثير بن شنظير: عن الحسن: أنه قال: لا يعفى عن الحدود، قال: فنزل عنها، إلا القاذف.

وقال أصحاب الرأي (١): في القاضي يقضي [بالحد] (٢) فيقول المقذوف: قد عفوت عنه، هل يدرأ عنه الحد؟ قال: لا، لأن عفوه عنه باطل، لأن هذا حد من حدود الله، قد انتهى إلى الإمام، فليس لصاحبه أن يعفو عنه.

وقالت طائفة: الحد في القذف من حقوق بني آدم، للمقذوف أن يقوم به، وله أن يعفو عنه، وليس كحد الزنا الذي يقوم به الأئمة غير أن هؤلاء افترقوا فرقتين فقالت فرقة: له أن يعفو عن الحد ما لم يبلغ الإمام. هذا قول مالك بن أنس (٣). وقد اختلف فيه عنه. حكى ابن وهب عن مالك أنه قال: لو قذف رجل رجلا من أمناء الناس فبلغ ذلك الإمام، ثم أراد أن يعفو عن حده. قال مالك: كنت أجلده الحد، ولا أجيز عفوه إلا أن يكون أراد سترا، لا يريد كشفه، وذلك أن يكون الرجل قد جلد حدا فطال ذلك حتى نسي، فإذا قذفه رجل بذلك الحد، وأراد ضربه التمس القاذف، وكشف عن ذلك حتى لا يضرب.

وقد حكي عن مالك (٤): أن له أن يعفو، وإن بلغ الإمام.


(١) "المبسوط" للسرخسي - (٩/ ١٢٦ - باب الشهادة في القذف).
(٢) في "الأصل": الحد. والمثبت من "ح".
(٣) "المدونة الكبرى" (٤/ ٤٨٨ - باب فيمن عفا عن قاذفه)، (٤/ ٥١٣ - باب جامع اجتماع الحدود وكيف يضرب).
(٤) "المدونة الكبرى" (٤/ ٤٨٩ - باب فيمن عفا عن قاذفه).

<<  <  ج: ص:  >  >>