للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فالذي يجب أن يضرب السكران أقل الحدود وهو ثمانون، وقد (أمر) (١) عمر بن الخطاب وعبد الرحمن بن عوف بذلك بين المهاجرين والأنصار وتبعهم عليه عوام أهل العلم من علماء الأمصار، ولا يجتمع أهل العلم على مثل هذا إلا بما تثبت الحجة به. والواجب أن يضرب السكران ثمانين بالسوط، لأنهم قد أجمعوا أن حد الزنا والقذف إنما يجلد بالسوط، والضرب الذي ضرب بحضرة النبي منسوخ بقوله: "إذا سكر الرجل فاجلدوه" (٢) واحتج بعض من خالف هذا القول فقال: الحدود لا تدرى من جهة القياس [والرأي] (٣)، إنما تؤخذ من جهة الأخبار، وقد أمر الله ﷿ بجلد الزاني والقاذف، فجلدهما يجب، لأمر الله بذلك، وقد أتي النبي بسكران فلم يأمر فيه بحد معلوم، بل أمرهم أن يضربوه فضربوه بما في أيديهم من الجريد والنعال وبأيديهم، ولو كان في حد السكران حد معلوم لأمر أن يضرب ذلك العدد، وفي أمر النبي بذلك دليل على أن ضرب الشارب ليس له حد معلوم، وإنما ينكل به كما فعل النبي فيما رواه أبو هريرة أنه قال لهم بعد أن ضربوه بما ضربوه به: "بكتوه" فبكتوه، وهذا كله من جهة التنكيل، ومن الدليل على صحة هذا القول: أن أبا بكر الصديق لم يجلد السكران بعد النبي ثمانين، وإنما فعل مثل ما فعله النبي وأصحاب رسول الله حضور غير منكرين عليه بما فعل، ولا أخبروه عن رسول الله خلاف فعله، وكذلك عمر بن الخطاب بعده حتى شاور حين


(١) تكررت "بالأصل".
(٢) سبق تخريجه.
(٣) سقط من "الأصل". والمثبت من "ح".

<<  <  ج: ص:  >  >>