للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قال أبو بكر: وقد قال بعض من يوافق القول الأول: إذا كان معلوم أن الشارب قبل شربه يكره أن يظهر منه قبيح من قول أو فعل، طلب الستر والصيانة ثم شرب، فظهر منه ما كان يكتمه وبدا منه ما كان يستره، فهو في هذه الحال سكران لخروجه عن الحالة الأولى التي كان يعز عليه فيها أن ينسب إلى شيء مما ظهر منه.

قال أبو بكر: والذي قاله الشافعي ومن تبعه أولى، والدليل على صحته قوله ﴿يا أيها الذين آمنوا لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى﴾ (١) الآية، وقد كان القوم الذين خوطبوا بهذه الآية من أصحاب رسول الله ، قبل أن ينزل تحريم الخمر يقربون [الصلاة] (٢) قاصدين لها في حال سكرهم عالمين بالصلاة التي لها يقصدون، ولا يكون ذلك إلا في حال قد عرفوا فيه مواقيت الصلاة، وقد سموا سكارى، لأن في الحديث أن أحدهم أمهم وقد قصدوا الصلاة فخلط في القراءة فأنزل الله - جل وعز - الآية ﴿يا أيها الذين آمنوا لا تقربوا الصلوة وأنتم سكرى حتى تعلموا ما تقولون﴾ وفيما ذكرنا من قصدهم إلى الصلاة دلالة على أن اسم السكران قد يستحق من عرف شيئا وذهب عليه غيره، ولو كان السكران لا يكون إلا من لا يعرف شيئا ما اهتدى سكران لمنزله أبدا، ومعروف أن الكسران يأتي منزله، ويقال: جاءنا وهو سكران.


(١) النساء: ٤٣.
(٢) في "الأصل، ح": للصلاة. والمثبت من "الإشراف".

<<  <  ج: ص:  >  >>