للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الرجل من التابعين قد يجوز أن يروي الحديث الواحد عن رجلين من أصحاب رسول الله فيحدث به مرة عن أحدهما ثم يحدث به مرة عن الآخر، ويكون الرجل الذي رواه عنه عقبة ولم يسمه إما أحد الرجلين اللذين سماهما أو يكون عقبة روى الحديث عن ثلاثة أنفس من أصحاب النبي سمى منهم اثنين ولم يسم الثالث (١)، والله أعلم.


(١) قلت: دعوى الاضطراب لا يذهب إليها إلا إذا تعذر الجمع والترجيح وتساوت وجوه الاختلاف، أما في هذا الحديث فلا يسلم بها لإمكان الجمع والترجيح بين الوجوه المتعارضة.
وقد فند العلامة الألباني كل الوجوه وبين الراجح فيها فقال كما في "الإرواء" (٧/ ٢٥٧ - ٢٥٨): لا ينبغي الالتفات إلى مخالفة ابن جدعان، وإنما ينبغي النظر في الوجوه الأخرى من الاختلاف؛ لأن رواتها كلهم ثقات، وبيان الراجح من المرجوح منها، ثم التأمل في الراجح منها، هل هو صحيح أم لا؟ فها أنا ألخص تلك الوجوه مع بيان الراجح ثم النظر فيه فأقول: الاختلاف السابق ذكره على ثلاثة وجوه: الأول: القاسم بن ربيعة عن عقبة بن أوس، عن عبد الله بن عمرو. الثاني: مثله، إلا أنه قال: عن رجل من أصحاب النبي لم يسمه. الثالث: مثله، إلا أنه قال: يعقوب بن أوس مكان: عقبة بن أوس. فإذا نحن نظرنا في رواة الوجه الأول والثاني وجدناهم متساويين في العدد والضبط، وهم: حماد بن زيد، ووهيب من جهة وهشيم والثوري من جهة أخرى إلا أن الفريق الأول معهم زيادة علم بحفظهم لاسم الصحابي، فروايتهم أرجح من هذه الحيثية؛ لأن زيادة الثقة مقبولة؛ على أن هذا الاختلاف لا يعود على الحديث بضرر حتى لو كان الراجح الوجه الثاني؛ لأن غاية ما فيه أن الصحابي لم يسم وذلك مما لا يخدج في صحة الحديث؛ لأن الصحابة كلهم عدول .. بقي النظر في الوجه الثالث: فإذا تذكرنا أن أصحابه الذين قالوا (يعقوب) مكان (عقبة) إنما هم بشر بن المفضل، ويزيد بن زريع، وأن الذين خالفوهم هم أكثر عددًا، وهم الأربعة الذين سبق ذكرهم في الوجهين السابقين: حماد بن زيد ووهيب وهشيم والثوري؛ فاتفاق هؤلاء على خلافهما لدليل واضح على أن روايتهما مرجوحة، وأن روايتهم هي الراجحة.

<<  <  ج: ص:  >  >>