للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أبيه، عن جده، وعن الحكم، عن مقسم، عن ابن عباس أن رسول الله كتب كتابا بين المهاجرين والأنصار: "أن يعقلوا معاقلهم (١) وأن يفكوا عانيهم (٢) بالمعروف وإصلاحا بين المسلمين" (٣).

فاحتج بعض من يميل إلى قول الشافعي بهذا الحديث وقال: قوله "أن يعقلوا معاقلهم" يدخل فيه قليل العقل وكثيره.

قال أبو بكر: وهذا يحتمل معنيين: يحتمل أن يكون أراد العقل كاملا، ويحتمل بعض العقل، وإذا احتمل الحديث معنيين لم يجز أن يحمل على أحد المعنيين دون الآخر، وليس إسناده بالمضيء، لأن حجاج بن أرطأة كثير التدليس (٤)، وقد تكلم أهل الحديث من حديثه فيما لا يقول من حديثه فيه: حدثنا وأخبرنا. وفي قوله: كتب كتابا بين المهاجرين والأنصار معناه: أمر بالكتاب يكتب بينهم، لأنه كان لا يكتب، وقد ذكرت هذا المعنى في كتاب المناسك (٥) عند ذكري اختلاف أهل العلم في حجة رسول الله .


(١) قال ابن الأثير: والمعاقل الديات معقلة. "النهاية" (٣/ ٢٧٩).
(٢) قال أبو عبيد: وفكوا العاني؛ يعني الأسير، ولا أظن هذا مأخوذًا إلا من الذل والخضوع. اهـ. "غريب الحديث" (١/ ٣٠٨).
(٣) أخرجه أحمد (١/ ٢٧١)، وابن أبي عاصم في "الديات" (٢٨٩، ٢٨٨)، والقزويني في "أخبار قزوين" (٢/ ٢٧٠) من طريق عباد بن العوام به، والحديث ضعفه ابن حزم في "المحلى" (٢/ ٢٧٠) قال: فيه حجاج بن أرطاة وهو ساقط. وقال الهيثمي في "المجمع" (٤/ ٢٠٩): فيه الحجاج بن أرطاة وهو مدلس ولكنه ثقة.
(٤) الحجاج بن أرطاة عالم كبير على لين في حديثه، وأكثر ما نقموا عليه التدليس، وهو ممن يكتب حديثه ولا يترك، والمقال فيه يطول وانظر: ترجمته في "التهذيب" (١٠٩٧).
(٥) ليتنا نهتدي إليه لنتمم به عملنا فاللهم يسر وأعن وارزق.

<<  <  ج: ص:  >  >>