للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قال الشافعي (١): فإن سأل من تؤخذ منه الجزية أن يعطيها ويجري عليه الحكم على أن يسكن الحجاز؛ لم يكن ذلك له، والحجاز: مكة، والمدينة، واليمامة، ومخاليفها كلها، لأن تركهم سكنى الحجاز منسوخ، وقد كان رسول الله استثنى على أهل خيبر فقال: "أُقرُّكم ما أَقَرَّكم الله"، ثم أمر بإجلائهم، وأُحِبُّ أن لا يدخل الحجاز مشرك بحال لما وصفت من أمر النبي ، ولا يبين لي أن يحرم أن يمر ذمي بالحجاز مارًا لا يقيم ببلد منها أكثر من ثلاث ليال، وذلك مقام مسافر؛ لأنه قد يحتمل أمر النبي بإجلائهم منها، وأن لا يسكنوها، ويحتمل لو ثبت عنه لا يبقين دينان بأرض العرب لا يبقين دينان مقيمان، ولولا أن عمر ولي إخراج أهل الذمة لما ثبت عنده من أمر رسول الله ، وأن أمر رسول الله محتملا ما رأى عمر بن الخطاب من أن أجل من قدم من أهل الذمة تاجرًا ثلاث [ليال] (٢)، لا يقيم فيها بعد ثلاث، لرأيت أن لا يصالحوا بدخولها بكل حال.

وقال الشافعي (١): وليست اليمن بحجاز، فلا يجليهم أحد من اليمن، وسائر البلدان ما خلا الحجاز، فلا بأس أن يصالحوا على المقام بها، ولا يبين لي أن يمنعوا ركوب بحر الحجاز، ويمنعون المقام في سواحله، وإن كانت في بحر الحجاز جزائرًا وجبالًا تُسْكن مُنِعُوا سكناهما، لأنها من أرض الحجاز.

قال أبو بكر: وقد قال قائل من أهل العلم: معنى قوله: "لا يجتمع دينان بأرض الحجاز (٣) من ألفاظ الخبر الذي معناها معنى النهي، أي


(١) "الأم" (٤/ ٢٥١ - ٢٥٢ - مسألة: إعطاء الجزية على سكنى بلد ودخوله).
(٢) من "ض".
(٣) عبد الرزاق (٩٩٩٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>