للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

حتى كان الإكراه، كان على غير الإسلام، بل كان على أن يتناول بذلك الطعام والشراب لقوله : "ذلك الذي طلبت" فأبان له النبي ما في ضميره، لما أعلمه الله، وكذلك يكون الله أعلمه أن إسلامه ليس بإسلام، فكان على كفره المتقدم، ولذلك فدى به رجلين من المسلمين؛ لأن من سنته ألا يفدي مسلمًا بمسلم، ولو كان مسلمًا لم يمكن منه الكفار.

وقال آخر: في قوله: "لو قلتها وأنت تملك أمرك أفلحت كل الفلاح" يشبه أن يكون يريد لو قلت: إني مسلم قبل أن تُؤسر أفلحت كل الفلاح؛ أي: دنيا وآخرة، فلم تؤسر في الدنيا فتوثق، ولم تعذب في الآخرة إذا أسلمت طوعًا لا كرهًا، وأما إذا قلت: إني مسلم بعد [الأسر] (١) فلم تفلح كل الفلاح أي أن هذا الكلام لا يخرجك من الرق في الدنيا بعد إذ أسرت وأنت كافر لا مسلم، إذ لا خلاف بين المسلمين أعلمه أن الأسير من المشركين إذا أسلم بعد الإسار، لا يصير حرًا بإسلامه، إلا من زعم أن العرب لا يجري عليهم ملك.

فأما فداء النبي العقيلي بالرجلين من المسلمين كانا في يدي ثقيف أسيرين، فيشبه أن يكون إنما أطلقه من الأسر، لتطلق ثقيف عن الأسيرين اللذين له في أيديهم، (فيرجع) (٢) الثقفي إليهم حرًّا مسلمًا مطلقًا من الأسر والوثاق، خارجًا من العبودية، لا أن ثقيف يملكونه ملك رق وهو مسلم، وهم مشركون، إذ غير جائز عند جميع العلماء أن يرد مسلم إلى المشركين، فيستعبدونه في دار [الشرك] (٣)، ولا في


(١) في "ر، ض": الأمر. والمثبت مقتضى السياق.
(٢) في "ض": فرجع.
(٣) في "ر، ض": المشرك. ولا يستقيم.

<<  <  ج: ص:  >  >>