للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

كتاب. فقلنا: لتخرجن الكتاب، أو لنلقين الثياب، فأخرجته من عقاصها، فأتينا به رسول الله : فإذا فيه من حاطب بن أبي بلتعة إلى أناس من المشركين ممن بمكة، يخبر ببعض أمر رسول الله فقال: "ما هذا يا حاطب؟ " فقال: لا تعجل عليَّ، إني كنت امرءًا ملصقًا في قريش، ولم أكن من أنفسها، وكان (من) (١) معك من المهاجرين لهم قرابات يحمون بها قراباتهم، ولم يكن لي بمكة قرابة، فأحببت إذ فاتني ذلك، أن أتخذ عندهم يدًا، والله ما فعلته شكًا في ديني، ولا رضًا بالكفر بعد الإسلام. فقال رسول الله : "صدق". فقال عمر: يا رسول الله دعني أضرب هذا المنافق. فقال النبي : "إنه قد شهد [بدرًا] (٢)، وما يدريك لعل الله قد اطلع على أهل بدر، فقال: اعملوا ما شئتم قد غفرت لكم". ونزلت: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ﴾ (٣) (٤).

قال الشافعي: وفي هذا الحديث مع ما وصفت لك طرح الحكم باستعمال الظنون؛ لأنه لما كان الكتاب يحتمل أن يكون ما قال حاطب كما قال، واحتمل المعنى الأقبح، كان القول قوله فيما احتمل فعله، وحكم رسول الله بأن لم يقتله، ولم يستعمل عليه الأغلب، ولا أعلم أحدًا أتى في مثل هذا أعظم في الظاهر من هذا؛ لأن أمر رسول الله مباين في عِظَمِهِ لجميع الآدميين بعده، وإذا كان من خان من المسلمين رسول الله، ورسول الله يريدُ غِرَّتَهم فصدَّقه


(١) سقط من "ض".
(٢) زيادة من "الأم".
(٣) الممتحنة: ١.
(٤) رواه البخاري (٣٠٠٧)، ومسلم (٢٤٩٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>